الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب إذا عدل رجل أحدا فقال لا نعلم إلا خيرا أو قال ما علمت إلا خيرا

                                                                                                                                                                                                        2494 حدثنا حجاج حدثنا عبد الله بن عمر النميري حدثنا يونس وقال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير وابن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله عن حديث عائشة رضي الله عنها وبعض حديثهم يصدق بعضا حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وأسامة حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله فأما أسامة فقال أهلك ولا نعلم إلا خيرا وقالت بريرة إن رأيت عليها أمرا أغمصه أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يعذرنا في رجل بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت من أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا [ ص: 293 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 293 ] قوله : ( كتاب الشهادات ) هي جمع شهادة وهي مصدر شهد يشهد . قال الجوهري : الشهادة خبر قاطع ، والمشاهدة المعاينة ، مأخوذة من الشهود أي الحضور ; لأن الشاهد مشاهد لما غاب عن غيره ، وقيل مأخوذة من الإعلام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم - باب ما جاء في البينة على المدعي ) كذا للأكثر وسقط لبعضهم لفظ " باب " وقدم النسفي وابن شبويه البسملة على " كتاب "

                                                                                                                                                                                                        قوله : لقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه الآية كذا لابن [ ص: 294 ] شبويه ولأبي ذر بعد قوله : فاكتبوه إلى قوله : واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم وساق في رواية الأصيلي وكريمة الآية كلها وكذا التي بعدها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : وقول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله - إلى قوله - بما تعملون خبيرا كذا لأبي ذر وابن شبويه ، ووقع للنسفي بعد قوله في الآية الأولى فاكتبوه : وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله - إلى قوله - بما تعملون خبيرا وهو غلط لا محالة ، وكأنه سقط منه شيء أوضحته رواية غيره كما ترى ولم يسق في الباب حديثا إما اكتفاء بالآيتين ، وإما إشارة إلى الحديث الماضي قريبا في ذلك في آخر باب الرهن ، وستأتي ترجمة الشق الآخر وهي " اليمين على المدعى عليه " قريبا . قال ابن المنير : وجه الاستدلال بالآية للترجمة أن المدعي لو كان القول قوله لم يحتج إلى الإشهاد ولا إلى كتابة الحقوق وإملائها فالأمر بذلك يدل على الحاجة إليه ، ويتضمن أن البينة على المدعي ، ولأن الله حين أمر الذي عليه الحق بالإملاء اقتضى تصديقه فيما أقر به ، وإذا كان مصدقا فالبينة على من ادعى تكذيبه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب إذا عدل رجل رجلا فقال : لا نعلم إلا خيرا أو ما علمت إلا خيرا ) وفي رواية الكشميهني " أحدا " بدل " رجلا " . قال ابن بطال : حكى الطحاوي عن أبي يوسف أنه قال . إذا قال ذلك قبلت شهادته ، ولم يذكر خلافا عن الكوفيين في ذلك ، واحتجوا بحديث الإفك . وقال مالك : لا يكون ذلك تزكية حتى يقول : رضا أي بالقصر . وقال الشافعي : حتى يقول : عدل ، وفي قول : عدل علي ولي . [ ص: 295 ] ولا بد من معرفة المزكي حاله الباطنة . والحجة لذلك أنه لا يلزم من أنه لا يعلم منه إلا الخير أن لا يكون فيه شر . وأما احتجاجهم بقصة أسامة ، فأجاب المهلب بأن ذلك وقع في العصر الذي زكى الله أهله ، وكانت الجرحة فيهم شاذة ، فكفى في تعديلهم أن يقال : لا أعلم إلا خيرا ، وأما اليوم فالجرحة في الناس أغلب ، فلا بد من التنصيص على العدالة . قلت : لم يبت البخاري الحكم في الترجمة ، بل أوردها مورد السؤال لقوة الخلاف فيها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وساق حديث الإفك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأسامة حين استشاره فقال : أهلك ولا نعلم إلا خيرا ) كذا لأبي ذر ، ولم يقع هذا كله عند الباقين وهو اللائق ; لأن حديث الإفك قد ذكر في الباب موصولا وإن كان اختصره ، وسيأتي مطولا أيضا بعد أبواب ويأتي الكلام عليه في تفسير سورة النور وقوله فيه .

                                                                                                                                                                                                        " وقال الليث حدثني يونس " وصله هناك أيضا .

                                                                                                                                                                                                        وقوله : " أهلك ولا نعلم إلا خيرا " بنصب أهلك للأكثر على الإغراء أو على فعل محذوف تقديره أمسك أهلك ولبعضهم بالرفع أي هم أهلك ، قال ابن المنير : التعديل إنما هـو تنفيذ للشهادة وعائشة - رضي الله عنها - لم تكن شهدت ولا كانت محتاجة إلى التعديل ; لأن الأصل البراءة وإنما كانت محتاجة إلى نفي التهمة عنها حتى تكون الدعوى عليها بذلك غير مقبولة ، ولا شبهة ، فيكفي في هذا القدر هذا اللفظ فلا يكون فيه لمن اكتفى في التعديل بقوله : " لا أعلم إلا خيرا " حجة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية