الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 83 ] باب القذف من قذف بزنا في قبل وهو مكلف مختار محصنا ولو ذات محرم نص عليه جلد الحر ثمانين والعبد أربعين ولو عتق قبل حد ، ومعتق بعضه بحسابه ، وقيل : كعبد . ومن قذف غير محصن عزر ، وقيل : سوى سيد لعبده ، قال أحمد : لا يحد . وحد أبويه وإن علوا بقذفه وإن نزل كقود فلا يرثه عليهما ، وإن ورثه أخوه لأمه وحد له لتبعضه . وفي الترغيب لا يحد الأب ، وفي أم وجهان ، وقيل : لا حد بقذفه أباه أو أخاه ، وعنه يحد قاذف أمه أو ذمية لها ولد أو زوج مسلم .

                                                                                                          وقال ابن عقيل : إن قذف كافرا لا ولد له مسلم لم يحد ، على الأصح . ويحد بقذف على جهة الغيرة ( بفتح الغين ) ، ويتوجه احتمال ( و م ) وأنها عذر في غيبة ونحوها ، وتقدم [ في ] الطلاق كلام ابن عقيل وشيخنا { لقول عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم عن خديجة : وما تذكر من عجوز حمراء الشدقين ، وقوله إني أعرف إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى } ، ولدعائها وجعلها رجليها بين الإذخر تقول : يا رب سلط علي عقربا أو حية تلدغني ، وذلك في الصحيحين وفيهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما { أن امرأة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قالت : والله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل . فقلت : قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر ، أفتأمن [ ص: 84 ] إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله ، فإذا هي قد هلكت ، وإن عمر قال هذا للنبي صلى الله عليه وسلم فتبسم } . وفيه : وكان قد أقسم لا يدخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عز وجل . والمحصن الحر المسلم العاقل الذي يجامع مثله العفيف عن الزنا ، وقيل : ووطء لا يحد به لملك أو شبهة ، وقيل : يجب البحث عن باطن عفة .

                                                                                                          وفي المبهج : لا مبتدع .

                                                                                                          وفي الإيضاح : لا فاسق ظهر فسقه . ولا يختل إحصانه بوطئه في حيض وصوم وإحرام قاله في الترغيب .

                                                                                                          ولو قذف امرأة بمتهم بها حد ، قاله في الانتصار وفيه ، لا يحد بقذف فاسق ، وفي عمد الأدلة : عندي يحد بقذف العبد وأنه أشبه بالمذهب ، لعدالته فهو أحسن حالا من الفاسق بغير الزنا ، وفي اشتراط بلوغه روايتان أشهرهما : لا ، قاله في الترغيب ( م 1 ) [ ص: 85 ] فالغلام ابن عشر والبنت بنت تسع ، ومطالبته إذا بلغ ، والملاعنة وابنها وولد الزنا كغيرهم ، نص عليه .

                                                                                                          [ ص: 84 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 84 ] باب القذف .

                                                                                                          ( مسألة 1 ) قوله " وفي اشتراط بلوغه روايتان أشهرهما لا ، قاله في الترغيب " انتهى .

                                                                                                          ( إحداهما ) : لا يشترط بلوغه ، وهو الصحيح من المذهب ، وهو الذي قاله في الترغيب أنه أشهر ، قال أبو بكر : لا يختلف قول أبي عبد الله أنه يحد قاذفه إذا كان ابن عشر أو ثنتي عشرة سنة ، وقطع به القاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافاتهم ، والشيرازي وابن البنا ، وابن عقيل في التذكرة ، وهو مقتضى كلام الخرقي ، وصححه في التصحيح ، وجزم به في الوجيز ونظم المفردات ، وقدمه في الهادي والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وإدراك الغاية وغيرهم ، قال في القواعد الأصولية : أظهر الروايتين وجوب الحد ، انتهى [ ص: 85 ]

                                                                                                          ( والرواية الثانية ) : يشترط البلوغ ، قاله في العمدة ومنتخب الآدمي ومنوره ونهاية ابن رزين . والمحصن هو الحر المسلم البالغ العفيف ، انتهى . وقيل : هذه الرواية مخرجة لا منصوصة ، وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والمحرر والشرح وشرح ابن منجى والزركشي وغيرهم . فعلى المذهب يشترط أن يكون مثله يطأ أو يوطأ ، وقد بين المصنف سنهما ، والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية