الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 236 ] ذكر وصف الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس

                                                                                                                          48 - أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني ، حدثنا هدبة بن خالد القيسي ، حدثنا همام بن يحيى ، حدثنا قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به ، قال : بينما أنا في الحطيم وربما قال : في الحجر إذ أتاني آت ، فشق ما بين هذه إلى هذه ، فقلت للجارود وهو إلى جنبي : ما يعني به ؟ قال : من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ، ثم أتيت بطست من ذهب [ ص: 237 ] مملوءا إيمانا وحكمة ، فغسل قلبي ، ثم حشي ، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض ، فقال له الجارود : هو البراق يا أبا حمزة ؟ قال أنس : نعم ، يقع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه ، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت إذا فيها آدم ، فقال : هذا أبوك آدم ، فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ثم قال : مرحبا بالابن الصالح ، والنبي الصالح . ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحبا به فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة ، قال : هذا يحيى وعيسى ، فسلم عليهما ، فسلمت ، فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح ، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء [ ص: 238 ] جاء ، ففتح ، فلما خلصت إذا يوسف ، قال : هذا يوسف ، فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح . ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم ، قيل : أوقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت إذا إدريس ، قال : هذا إدريس ، فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح . ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت إذا هارون ، قال : هذا هارون فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح . ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم ، قيل : أوقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت إذا موسى ، قال : هذا موسى ، فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح ، فلما تجاوزت بكى ، قيل له : ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ، ثم صعد بي حتى أتى السماء السابعة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : [ ص: 239 ] محمد صلى الله عليه وسلم ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت إذا إبراهيم ، قال : هذا أبوك إبراهيم ، فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ثم قال : مرحبا بالابن الصالح ، والنبي الصالح . ثم رفعت إلى سدرة المنتهى ، فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة ، قال : هذه سدرة المنتهى ، وإذا أربعة أنهار ، نهران باطنان ، ونهران ظاهران ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : أما الباطنان ، فنهران في الجنة ، وأما الظاهران ، فالنيل والفرات . ثم رفع لي البيت المعمور . قال قتادة : وحدثنا الحسن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه رأى البيت المعمور ، ويدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم لا يعودون فيه ، ثم رجع إلى حديث أنس : ثم أتيت بإناء من خمر ، [ ص: 240 ] وإناء من لبن ، وإناء من عسل ، فأخذت اللبن ، فقال : هذه الفطرة ، أنت عليها وأمتك . ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة في كل يوم ، فرجعت فمررت على موسى ، فقال : بم أمرت ؟ قال : أمرت بخمسين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم ، وإني قد جربت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك ، فرجعت ، فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى ، فقال مثله ، فرجعت ، فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت ، فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت ، فأمرت بعشر صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى ، فقال مثله ، فرجعت ، فأمرت بخمس صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بم أمرت ؟ قال : أمرت بخمس صلوات كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم ، وإني قد جربت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك ، قال : قلت : سألت ربي حتى استحييت ، لكني أرضى وأسلم ، فلما جاوزت ناداني مناد : أمضيت فريضتي ، وخففت عن عبادي .

                                                                                                                          [ ص: 241 ]

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية