الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ استئجار الدابة بعلفها ]

المثال العاشر : لا يصح أن يستأجر الدابة بعلفها ; لأنه مجهول . والحيلة في جوازه أن يسمي ما يعلم أنها تحتاج إليه من العلف فيجعله أجرة ثم يوكله في إنفاق ذلك عليها . وهذه الحيلة غير محتاج إليها على أصلنا ; فإنا نجوز أن يستأجر الظئر بطعامها وكسوتها والأجير بطعامه وكسوته ، فكذلك إجارة الدابة بعلفها وسقيها .

فإن قيل : علف الدابة على مالكها ، فإذا شرطه على المستأجر فقد شرط ما ينافي مقتضى العقد ، فأشبه ما لو شرط في عقد النكاح أن تكون نفقة الزوجة على نفسها .

قيل : هذا من أفسد القياس ; لأن العلف قد جعل في مقابلة الانتفاع فهو نفسه أجرة مغتفرة جهالتها اليسيرة للحاجة ، بل الحاجة إلى ذلك أعظم من حاجة استئجار الأجير بطعامه وكسوته ; إذ يمكن الأجير أن يشتري له بالأجرة ذلك ، فأما الدابة فإن كلف ربها أن يصحبها ليعلفها شق عليه ذلك فتدعو الحاجة إلى قيام المستأجر عليها ، ولا يظن به تفريطه في علفها لحاجته إلى ظهرها ، فهو يعلفها لحاجته وإن لم يمكنها مخاصمته

التالي السابق


الخدمات العلمية