الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
جناية المكاتب ورقيقه ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإذا جنى المكاتب جناية ، أو عبد للمكاتب أو المكاتبة جناية فلذلك كله سواء ، وعلى المكاتبة أو المكاتب في جنايتهما الأقل من قيمة الجاني منهما يوم جنى أو الجناية فإن قدر على أدائها مع المكاتبة فهو مكاتب بحاله وله أن يؤديها قبل الكتابة إذا كانت حالة فإن صالح عليها صلحا صحيحا إلى أجل فليس له تأديتها قبل محلها ; لأن هذا زيادة من ماله وليس له أن يزيده من [ ص: 72 ] ماله شيئا بغير إذن سيده ، وله أن يؤدي الكتابة قبل الجناية ، وقبل محل نجوم الكتابة ; لأنه يجوز له فيما بينه وبين سيده من الزيادة ما لا يجوز له فيما بينه وبين الأجنبي ، وإن كان عليه دين وجناية وكتابة ، والدين والجناية حالان كان له أن يؤديهما قبل الكتابة ، والكتابة قبلهما حالة كانت أو غير حالة ما لم يقوموا عليه ، ويقف الحاكم ماله كما يكون للحر أن يقضي بعض غرمائه دون بعض ما لم يقف الحاكم ماله إلا أنه يخالف الحر عليه الدين فلا يكون له أن يؤدي شيئا عليه من الدين قبل محله بغير إذن سيده ; لأن ذلك زيادة من ماله ، وليس له أن يزيد من ماله بغير إذن سيده ، وله أن يؤدي ذلك إلى سيده ; لأن المال ماله ، وماله لسيده وله أن يؤدي إلى الأجنبي ماله غير حال بإذن سيده وإذا وقف الحاكم ماله أدى عنه إلى سيده كتابته ، وإلى الناس ديونهم ، وجعلهم فيه شرعا فإن لم يكن عنده ما يؤدي هذا كله عجزه في مال الأجنبي ، وإن كره ذلك السيد والمكاتب معا إذا شاء ذلك الأجنبيون ، وإن شاء سيده أن يدع حقه عليه ، ويأخذ الأجنبيون حقوقهم فاستوفوا هم فهو على الكتابة ما لم يعجز سيده ، وإن شاء الأجنبيون وسيده إنظاره لم يعجز ومتى أنظره سيده والأجنبيون فشاء واحد منهم أن يقوم عليه حتى يستوفي حقه ، أو يعجزه فذلك له ، وإذا عجزه السيد أو رضي المكاتب أو عجزه الحاكم خير الحاكم سيده بين أن يتطوع أن يفديه بالأقل من أرش جنايته ، وكل ما كان في حكم الجناية من تحريق متاع أو غصبه أو سرقته أو رقبته فإن فعل فهو على رقه وإن لم يفعل بيع عليه فأعطى أهل الجناية وجميع ما كان في حكمها منه حصاصا لا يقدم واحدا منهم على الآخر ، وإن كان عليه دين أدانه إياه رجل من بيع أو غيره لم يحاصهم ; لأن ذلك في ذمته ومتى عتق تبعه به ، وسواء كان فعله فيما يلزمه أن يباع فيه متفرقا بعضه قبل بعض أو مجتمعا لا يبدأ بشيء قبل شيء .

وكذلك لو جنى في كتابته على رجل وبعد التعجيز على آخر تحاصا جميعا في ثمنه وإن أبرأه بعض أهل الجناية أو صالح سيده له ، أو قضى بعضهم كان للباقين بيعه حتى يستوفوا أو يأتوا هم ومن قابض على ثمنه ، وجناية المكاتب على ابن سيده وأبيه وامرأته وكل ما لا يملكه سيده كجنايته على الأجنبي لا تختلف ، وكذلك جنايته على جميع أموالهم ، وكذلك جنايته على أيتام لسيده وليس لسيده أن يعفو جنايته عن أحد منهم ، ولا يضع عنه منها شيئا إن كان المجني عليه حيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية