الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=17681_17680_17596باب الرخصة في اللباس الجميل واستحباب التواضع فيه وكراهة الشهرة والإسبال
582 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31549لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا ، [ ص: 129 ] قال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمص الناس } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ) .
قوله : ( إن الله جميل ) اختلفوا في معناه فقيل : إن كل أمره سبحانه وتعالى حسن جميل ، وله الأسماء الحسنى وصفات الجمال والكمال . وقيل : جميل بمعنى مجمل ككريم وسميع بمعنى مكرم ومسمع . وقال أبو القاسم القشيري : معناه جليل . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : أنه بمعنى ذي النور والبهجة : أي مالكهما . وقيل : معناه جميل الأفعال بكم والنظر إليكم يكلفكم اليسير ويعين عليه ويثيب عليه الجزيل ويشكر عليه . قال النووي : واعلم أن هذا الاسم ورد في هذا الحديث الصحيح ولكنه من أخبار الآحاد ، وقد ورد أيضا في حديث الأسماء . الحسنى ، وفي إسناده مقال والمختار جواز إطلاقه على الله ، ومن العلماء من منعه .
قال إمام الحرمين : nindex.php?page=treesubj&link=21468ما ورد الشرع بإطلاقه في أسماء الله تعالى وصفاته أطلقناه ، وما منع الشرع من إطلاقه منعناه ، وما لم يرد فيه إذن ولا منع لم نقض فيه بتحليل ولا تحريم فإن الأحكام الشرعية من موارد الشرع ، ولو قضينا بتحليل أو بتحريم لكنا مثبتين حكما بغير الشرع انتهى . وقد وقع الخلاف في nindex.php?page=treesubj&link=21468تسمية الله ووصفه من أوصاف الكمال والجلال والمدح بما لم يرد به الشرع ولا منعه فأجازه طائفة ومنعه آخرون إلا أن يرد به شرع مقطوع به من نص كتاب أو سنة متواترة أو إجماع على إطلاقه فإن ورد خبر واحد فاختلفوا فيه فأجازه طائفة وقالوا : الدعاء به والثناء من باب العمل وهو جائز بخبر الواحد ومنعه آخرون لكونه راجعا إلى اعتقاد ما يجوز أو يستحيل على الله تعالى . وطريق هذا القطع ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : والصواب جوازه لاشتماله على العمل ولقول الله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } انتهى . والمسألة مدونة في علم الكلام فلا نطيل فيها المقال .
قوله : ( بطر الحق ) هو دفعه وإنكاره ترفعا وتجبرا قاله النووي .
وفي القاموس الحق أن يتكبر عنده فلا يقبله . قوله : ( وغمص الناس ) هو معجمة مفتوحة وصاد مهملة قبلها ميم ساكنة . وقال النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : هو بالطاء المهملة في نسخ صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : لم يرو هذا الحديث عن جميع شيوخنا هنا وفي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إلا بالطاء ذكره أبو داود في مصنفه ، وذكره أبو سعيد الترمذي وغيره . والغمط والغمص قال النووي : بمعنى واحد هو احتقار الناس . والحديث يدل على أن nindex.php?page=treesubj&link=18682_18688الكبر مانع من دخول الجنة وإن بلغ في القلة إلى الغاية ، ولهذا ورد التحديد بمثقال ذرة ، وقد اختلف في تأويله فذكر nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي فيه وجهين : أحدهما أن المراد التكبر عن الإيمان فصاحبه لا يدخل الجنة أصلا إذا مات عليه .
والثاني : أنه لا يكون في قلبه كبر حال دخول الجنة كما قال الله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=47ونزعنا ما في صدورهم من غل } قال النووي : وهذان التأويلان فيهما بعد فإن الحديث [ ص: 130 ] ورد في سياق النهي عن الكبر المعروف وهو الارتفاع عن الناس واحتقارهم ودفع الحق فلا ينبغي أن يحمل على هذين التأويلين المخرجين له عن المطلوب ، بل الظاهر ما اختاره nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض وغيره من المحققين أنه لا يدخلها بدون مجازاة إن جازاه ، وقيل : هذا جزاؤه لو جازاه وقيل : لا يدخلها مع المتقين أول وهلة ويمكن أن يقال : إن هذا الحديث وما يشابهه من الأحاديث التي وردت مصرحا فيها بعدم nindex.php?page=treesubj&link=29468_28772_28773دخول جماعة من العصاة الجنة أو عدم خروج جماعة منهم من النار خاصة .
وأحاديث nindex.php?page=treesubj&link=28773_28772_29468دخول جميع الموحدين الجنة وخروج عصاتهم من النار عامة ، فلا حاجة على هذا التأويل . والحديث أيضا يدل على أن محبة nindex.php?page=treesubj&link=17681_17680_17596لبس الثوب الحسن والنعل الحسن وتخير اللباس الجميل ليس من الكبر في شيء ، وهذا مما لا خلاف فيه فيما أعلم . والرجل المذكور في الحديث وهو مالك بن مرارة الرهاوي ذكر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر nindex.php?page=showalam&ids=14961والقاضي عياض . وقد جمع الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=12996ابن بشكوال في اسمه أقوالا استوفاها النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .