الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون

                                                                                                                                                                                                هو القادر : هو الذي عرفتموه قادرا ، وهو الكامل القدرة عذابا من فوقكم : كما أمطر على قوم لوط ، وعلى أصحاب الفيل الحجارة ، وأرسل على قوم نوح الطوفان أو من تحت أرجلكم : كما أغرق فرعون ، وخسف بقارون ، وقيل : " من فوقكم" : من قبل أكابركم وسلاطينكم ، و “ من تحت أرجلكم" : من قبل سفلتكم وعبيدكم .

                                                                                                                                                                                                وقيل : هو حبس المطر والنبات أو يلبسكم شيعا : أو يخلطكم فرقا مختلفين على أهواء شتى ، كل فرقة منكم مشايعة لإمام ، ومعنى : " خلطهم" : أن ينشب القتال بينهم فيختلطوا ، ويشتبكوا في ملاحم القتال ; من قوله : [من الكامل]


                                                                                                                                                                                                وكتيبة لبستها بكتيبة حتى إذا التبست نفضت لها يدي



                                                                                                                                                                                                [ ص: 358 ] وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سألت الله ألا يبعث على أمتي عذابا من فوقهم ، أو من تحت أرجلهم ، فأعطاني ذلك ، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعني ، وأخبرني جبريل أن فناء أمتي بالسيف" ، وعن جابر بن عبد الله لما نزل : من فوقكم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : " أعوذ بوجهك" ، فلما نزل : أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ، قال : " هاتان [ ص: 359 ] أهون" .

                                                                                                                                                                                                ومعنى الآية : الوعيد بأحد أصناف العذاب المعدودة ، والضمير في قوله : وكذب به : راجع إلى العذاب ، : وهو الحق أي : لا بد أن ينزل بهم قل لست عليكم بوكيل : بحفيظ ، وكل إلي أمركم أمنعكم من التكذيب إجبارا ; إنما أنا منذر لكل نبإ : لكل شيء ينبأ به ، يعني : إنباءهم بأنهم يعذبون وإيعادهم به مستقر : وقت استقرار وحصول لا بد منه .

                                                                                                                                                                                                وقيل : الضمير في"به" : للقرآن .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية