الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 40 ] قوله تعالى : قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      استدل المعتزلة النافون لرؤية الله بالأبصار يوم القيامة بهذه الآية على مذهبهم الباطل ، وقد جاءت آيات تدل على أن نفي الرؤية المذكور ، إنما هو في الدنيا ، وأما في الآخرة فإن المؤمنين يرونه جل وعلا بأبصارهم ، كما صرح به تعالى في قوله : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [ 75 \ 22 ] ، وقوله في الكفار : كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون [ 83 \ 15 ] ، فإنه يفهم من مفهوم مخالفته أن المؤمنين ليسوا محجوبين عنه جل وعلا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في قوله تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة [ 10 \ 26 ] الحسنى : الجنة ، والزيادة : النظر إلى وجه الله الكريم ، وذلك هو أحد القولين في قوله تعالى : ولدينا مزيد [ 50 \ 35 ] ، وقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم ، وتحقيق المقام في المسألة : أن رؤية الله جل وعلا بالأبصار : جائزة عقلا في الدنيا والآخرة ، ومن أعظم الأدلة على جوازها عقلا في دار الدنيا : قول موسى رب أرني أنظر إليك [ 7 \ 143 ] ; لأن موسى لا يخفى عليه الجائز والمستحيل في حق الله تعالى ، وأما شرعا فهي جائزة وواقعة في الآخرة كما دلت عليه الآيات المذكورة ، وتواترت به الأحاديث الصحاح ، وأما في الدنيا فممنوعة شرعا كما تدل عليه آية " الأعراف " هذه ، وحديث " إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا " ، كما أوضحناه في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ) .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية