الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما يقول الرجل إذا رفع رأسه من الركوع

                                                                                                          266 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون حدثني عمي عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد قال وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وابن أبي أوفى وأبي جحيفة وأبي سعيد قال أبو عيسى حديث علي حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم وبه يقول الشافعي قال يقول هذا في المكتوبة والتطوع وقال بعض أهل الكوفة يقول هذا في صلاة التطوع ولا يقولها في صلاة المكتوبة قال أبو عيسى وإنما يقال الماجشوني لأنه من ولد الماجشون

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( الماجشون ) بكسر الجيم بعدها معجمة مضمومة ، هو لقب عبد العزيز بن عبد الله وهو معرب ( ماه كون ) أي شبه القمر أحد الأعلام ، روى عن الزهري وابن المنكدر وخلق ، وعنه الليث وابن مهدي وخلق . قال الحافظ : ثقة فقيه مصنف . قلت : هو مدني نزيل بغداد ( عن عمي ) هو يعقوب بن أبي سلمة ، كذا في التقريب ، وفيه في ترجمته أنه صدوق ( عن عبيد الله بن أبي رافع ) المدني مولى النبي صلى الله عليه وسلم كان كاتب علي وهو ثقة .

                                                                                                          قوله : ( قال سمع الله لمن حمده ) معناه قبل حمد من حمد ، واللام في ( لمن ) للمنفعة والهاء في ( حمده ) للكناية ، وقيل للسكتة والاستراحة ، ذكره ابن الملك . وقال الطيبي : أي أجاب حمده وتقبله ، يقال : اسمع دعائي أي أجب ; لأن غرض السائل الإجابة والقبول ، انتهى . فهو دعاء بقبول الحمد ، كذا قيل ، ويحتمل الإخبار " ربنا ولك الحمد " أي ربنا تقبل منا ولك الحمد على [ ص: 114 ] هدايتك إيانا لما يرضيك عنا ، بناء على أن الواو عاطفة لا زائدة خلافا للأصمعي . وعطف الخبر على الإنشاء جوزه جمع من النحويين وغيرهم ، وبتقدير اعتماد ما عليه الأكثرون من امتناعه فالخبر هنا بمعنى إنشاء الحمد لا الإخبار بأنه موجود ، إذ ليس فيه كبير فائدة ، ولا يحصل به الامتثال لما أمرنا به من الحمد " ملء السماوات " بالنصب هو أشهر كما في شرح مسلم صفة مصدر محذوف ، وقيل حال أي حال كونه مالئا لتلك الأجرام على تقدير تجسيمه ، وبالرفع صفة الحمد والملء بالكسر اسم ما يأخذه الإناء إذا امتلأ ، قال الجزري في النهاية : هذا تمثيل لأن الكلام لا يسع الأماكن والمراد به كثرة العدد . يقول لو قدر أن تكون كلمات الحمد أجساما لبلغت من كثرتها أن تملأ السماوات والأرض ، ويجوز أن يكون المراد به تفخيم شأن كلمة الحمد ، ويجوز أن يريد به أجرها وثوابها ، انتهى " وملء ما شئت من شيء بعد " بضم الدال على البناء للقطع عن الإضافة ونية المضاف إليه ، أي بعد المذكور ، وذلك كالكرسي والعرش وغيرهما ، مما لم يعلمه إلا الله ، والمراد الاعتناء في تكثير الحمد .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن عمر وابن عباد وابن أبي أوفى وأبي جحيفة وأبي سعيد ) أما حديث ابن عمر فأخرجه البخاري وأما حديث ابن عباس فأخرجه النسائي ، وأما حديث ابن أبي أوفى فأخرجه مسلم وابن ماجه ، وأما حديث أبي جحيفة فأخرجه ابن ماجه ، وأما حديث أبي سعيد فأخرجه مسلم والنسائي .

                                                                                                          قوله : ( حديث علي حديث حسن صحيح ) أخرجه الجماعة إلا البخاري .

                                                                                                          قوله : ( وقال بعض أهل الكوفة يقول هذا في صلاة التطوع ولا يقوله في صلاة المكتوبة ) وهو قول الحنفية لا دليل على هذا القول ، والصحيح ما قاله الشافعي وغيره ، فإن حديث علي هذا [ ص: 115 ] قد أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات من ثلاثة وجوه ، ووقع في إحداها إذا قام إلى الصلاة المكتوبة ، وكذلك وقع في رواية لأبي داود ، ووقع في رواية للدارقطني إذا ابتدأ الصلاة المكتوبة . وقال الشوكاني في النيل : وأخرجه أيضا ابن حبان وزاد : إذا قام إلى الصلاة المكتوبة ، كذلك رواه الشافعي وقيده أيضا بالمكتوبة وكذا غيرهما ، انتهى . فثبت بهذه الروايات أن قول الشافعي وغيره : يقول هذا في المكتوبة والتطوع حق وصواب ، وأن قول بعض أهل الكوفة : يقول هذا في صلاة التطوع ولا يقوله في صلاة المكتوبة ليس بصحيح .




                                                                                                          الخدمات العلمية