الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال : وهي على ثلاث درجات . الدرجة الأولى : محبة تقطع الوساوس ، وتلذ الخدمة . وتسلي عن المصائب .

قوله " تقطع الوساوس " فإن الوساوس والمحبة متناقضان . فإن المحبة توجب استيلاء ذكر المحبوب على القلب . والوساوس تقتضي غيبته عنه ، حتى توسوس له نفسه بغيره . فبين المحبة والوساوس تناقض شديد ، كما بين الذكر والغفلة .

فعزيمة المحبة : تنفي تردد القلب بين المحبوب وغيره . وذلك سبب الوساوس ، وهيهات أن يجد المحب الصادق فراغا لوسواس الغير ، لاستغراق قلبه في حضوره بين يدي محبوبه . وهل الوسواس إلا لأهل الغفلة والإعراض عن الله تعالى ؟ ومن أين يجتمع الحب والوسواس ؟


لا كان من لسواك فيه بقية فيها يقسم فكره ويوسوس

.

قوله " وتلذ الخدمة " أي المحب يلتذ بخدمة محبوبه . فيرتفع عن رؤية التعب الذي يراه الخلي في أثناء الخدمة . وهذا معلوم بالمشاهدة .

قوله " وتسلي عن المصائب " فإن المحب يجد في لذة المحبة ما ينسيه المصائب ولا يجد من مسها ما يجد غيره ، حتى كأنه قد اكتسى طبيعة ثانية ليست طبيعة الخلق . بل يقوى سلطان المحبة ، حتى يلتذ المحب بكثير من المصائب التي يصيبه بها حبيبه أعظم من التذاذ الخلي بحظوظه وشهواته . والذوق والوجود شاهد بذلك والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية