الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها وقال الشعبي لا تجوز شهادة أهل الملل بعضهم على بعض لقوله تعالى فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم و قولوا آمنا بالله وما أنزل الآية

                                                                                                                                                                                                        2539 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله تقرءونه لم يشب وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا بأيديهم الكتاب فقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها ) هذه الترجمة معقودة لبيان حكم شهادة الكفار ، وقد اختلف في ذلك السلف على ثلاثة أقوال : فذهب الجمهور إلى ردها مطلقا ، وذهب بعض التابعين إلى قبولها مطلقا - إلا على المسلمين - وهو مذهب الكوفيين فقالوا تقبل شهادة بعضهم على بعض ، وهي إحدى الروايتين عن أحمد ، وأنكرها بعض أصحابه واستثنى أحمد حالة السفر فأجاز فيها شهادة أهل الكتاب كما سيأتي بيانه في أواخر الوصايا إن شاء الله تعالى ، وقال الحسن وابن أبي ليلى والليث وإسحاق : لا تقبل ملة [ ص: 345 ] على ملة وتقبل بعض الملة على بعضها لقوله تعالى : فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وهذا أعدل الأقوال لبعده عن التهمة ، واحتج الجمهور بقوله تعالى : ممن ترضون من الشهداء وبغير ذلك من الآيات والأحاديث .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال الشعبي : لا تجوز شهادة أهل الملل إلخ ) وصله سعيد بن منصور " حدثنا هـشيم حدثنا داود عن الشعبي : لا تجوز شهادة ملة على أخرى إلا المسلمين فإن شهادتهم جائزة على جميع الملل " وروى عبد الرزاق عن الثوري عن عيسى - وهو الخياط - عن الشعبي قال : كان يجيز شهادة النصراني على اليهودي واليهودي على النصراني . وروى ابن أبي شيبة من طريق أشعث عن الشعبي قال : تجوز شهادة أهل الملل للمسلمين بعضهم على بعض . قلت فاختلف فيه على الشعبي . وروى ابن أبي شيبة عن نافع وطائفة الجواز مطلقا . وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري الجواز مطلقا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تصدقوا أهل الكتاب إلخ ) وصله في تفسير البقرة من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة وفيه قصة ، وسيأتي الكلام عليه ثم إن شاء الله تعالى . والغرض منه هنا النهي عن تصديق أهل الكتاب فيما لا يعرف صدقه من قبل غيرهم ، فيدل على رد شهادتهم وعدم قبولها كما يقول الجمهور .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب ) أي من اليهود والنصارى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكتابكم ) أي القرآن .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أحدث الأخبار بالله ) أي أقربها نزولا إليكم من عند الله عز وجل ، فالحديث بالنسبة إلى المنزول إليهم وهو في نفسه قديم ، وقوله : ( لم يشب ) بضم أوله وفتح المعجمة بعدها موحدة أي لم يخلط ، ووقع عند أحمد من حديث جابر مرفوعا لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا الحديث . وسيأتي مزيد بسط في ذلك في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى . والغرض منه هنا الرد على من يقبل شهادة أهل الكتاب ، وإذا كانت أخبارهم لا تقبل فشهادتهم مردودة بالأولى ; لأن باب الشهادة أضيق من باب الرواية .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية