[ ص: 141 ] باب في ذكر الإيمان بالقدر
قال تعالى : إنا كل شيء خلقناه بقدر [القمر : 49]; أي : خلقنا كل شيء من الأشياء متلبسا بقدر قدرناه ، وقضاء قضيناه ، في سابق علمنا ، مكتوب في اللوح المحفوظ قبل وقوعه .
والقدر : التقدير . قال : وقد يحسب كثير من الناس أن معنى القضاء والقدر : إجبار الله العبد ، وقهره إياه على ما قدره وقضاه ، وليس الأمر كما يتوهمونه ، وإنما معناه : الإخبار عن تقديم علم الله بما يكون من أكساب العباد وصدورها عن تقدير منه ، وخلق لها ، خيرها وشرها . والقدر اسم لما صدر مقدرا عن فعل القادر ، والقضاء معناه : الخلق; كقوله : الخطابي فقضاهن سبع سماوات [فصلت : 12]; أي : خلقهن .
قلت : وهو بمعنى الحكم أيضا .
قال النووي : إن مذهب أهل الحق إثبات القدر ، ومعناه : أن الله قدر الأشياء في القدم ، وعلم أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه على صفات مخصوصة ، فهي تقع على حسب ما قدرها الله .
وأنكرت القدرية هذا ، وزعمت أنه سبحانه لم يقدرها ، ولم يتقدم علمه بها ، وأنها مستأنفة العلم; أي : إنما يعلمها سبحانه بعد وقوعها ، وكذبوا على الله - تبارك وتعالى عن أقوالهم الباطلة علوا كبيرا- . انتهى .
قال في «فتح البيان» : قد تظاهرت الأدلة القطعية من الكتاب والسنة ، [ ص: 142 ] وإجماع الصحابة وأهل الحل والعقد ، من السلف والخلف ، على إثبات قدر الله سبحانه .
وقد قرر ذلك أئمة الحديث ، وأهل السنة أحسن تقرير بدلائله القطعية ، السمعية والعقلية ، ليس هذا موضوع بسطها . والله أعلم .
باب في ذكر الإيمان بالقدر
- إثبات القدر ومعناه
- معاني ما الواردة في قوله تعالى والله خلقكم وما تعملون
- الرد على مذهب القدرية والمعتزلة في أفعال العباد
- معنى كونه تعالى يحول بين المرء و قلبه
- بيان معنى القضاء والقدر
- معنى الإيمان بالقدر
- بيان مذهب المرجئة
- بيان مذهب القدرية
- حكم القدرية والمرجئة
- القدرية مجوس هذه الأمة
- بيان معنى المفاتحة في الحديث بقوله ولا تفاتحوهم
- ما ينبغي أن يكون عليه موقف الشرفاء من رعاية شرف نسبهم
- سخرية المقلدين بالمحدثين ونبذهم بالألقاب القبيحة
- أقسام الناس باعتبار تنوع مواقفهم من قضاء الله وقدره
- الفرق بين نحوه ومثله
- أول من تكلم بالقدر وبيان موقف الصحابة في القدر
- حكم من تكلم في القدر ومن أمسك عنه
- النصوص الدالة على إثبات القدر من الكتاب والسنة
- معنى الفطرة التي يولد الإنسان عليها
- الأحاديث النبوية الدالة على أن الله قضى لأهل الجنة بالجنة وأهل النار بالنار وهم في عالم الذر
- حكم أطفال الكفار
- الحكمة في خلق الله تعالى الإنسان من نطفة ثم من مضغة ثم من علقة
- معنى الأجل
- معنى كلمة سددوا الواردة في الحديث
- بعض الحالات السيئة والحسنة التي يموت عليها الإنسان
- حكم الرقى وتعاطي الأدوية
- احتجاج آدم وموسى
- أقوال العلماء في الجنة التي يسكنها آدم
- رجوع إلى تقرير العقيدة في القضاء والقدر وذكر بقية الأدلة على ذلك
- من أعظم أنواع البر الإيمان بالقدر
- مراتب القضاء والقدر في إيجاد العالم