الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار

                                                                                                                                                                                                                                      لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بيان لكمال حسن حال المؤمنين غب بيان وتكرير له إثر تقرير مع زيادة خلودهم في الجنات ليتم بذلك سرورهم ويزداد تبجحهم ويتكامل به سوء حال الكفرة، وإيراد التقوى في حيز الصلة للإشعار بكون الخصال المذكورة من باب التقوى، والمراد به: الاتقاء من الشرك والمعاصي، فالموصول مبتدأ والظرف خبره و"جنات" مرتفع به على الفاعلية لاعتماده على المبتدإ أو الظرف خبر لـ"جنات" والجملة خبر للموصول ، و"خالدين فيها" أي: في الجنات حال مقدرة من الضمير أو من "جنات" لتخصصها بالوصف والعامل ما في الظرف من معنى الاستقرار. نزلا من عند الله وقرئ بسكون الزاي وهو ما يعد للنازل من طعام وشراب وغيرهما. قال أبو الشعر الضبي:


                                                                                                                                                                                                                                      وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا ... جعلنا القنا والمرهفات له نزلا



                                                                                                                                                                                                                                      وانتصابه على الحالية من "جنات" لتخصصها بالوصف والعامل فيه ما في الظرف من معنى الاستقرار. وقيل: هو مصدر مؤكد كأنه قيل: رزقا أو عطاء من عند الله. وما عند الله خير مبتدأ وخبر. وقوله تعالى: للأبرار متعلق بمحذوف هو صفة لـ"خير" أي: ما عنده تعالى من الأمور المذكورة الدائمة خير كائن للأبرار ، أي: مما يتقلب فيه الفجار من المتاع القليل الزائل والتعبير عنهم بالأبرار للإشعار بأن الصفات المعدودة من أعمال البر كما أنها من قبيل التقوى، والجملة تذييل لما قبلها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية