الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( وإن كان له ذؤابة قد نزلت عن الرأس فمسح النازل منها عن الرأس لم يجزئه ; لأنه لا يقع عليه اسم الرأس ، وإن كان له شعر مسترسل عن منبته ولم ينزل عن محل الفرض فمسح أطرافه أجزأه ; لأن اسم الرأس يتناوله ، ومن أصحابنا من قال : لا يجزئه لأنه مسح على شعر في غير منبته فهو كطرف الذؤابة وليس بشيء ) .

                                      [ ص: 437 ]

                                      التالي السابق


                                      [ ص: 437 ] الشرح ) الذؤابة بضم الذال وبعدها همزة وهي الشعر المضفور على جهة القفا . وجمعها ذوائب . وإذا مسح على شعر نازل عن محل الفرض لم يجزئه . نص عليه الشافعي - رحمه الله في الأم ، واتفق عليه الأصحاب ، وقد ذكر المصنف دليله ، ولو عقص أطراف شعره المسترسل الخارج عن محل الفرض وشده في وسط رأسه ومسحه لم يجزئه ، نص عليه في الأم واتفقوا عليه ، فإن قيل : ما الفرق بينه وبين التقصير في الحج فإنه يجوز من الشعر النازل عن محل الفرض ؟ فالجواب ما أجاب به الشيخ أبو حامد في آخر مسألة اللحية المسترسلة وقاله غيره من أصحابنا أن الفرض في المسح متعلق بالرأس ، والرأس ما ترأس وعلا ، وما نزل عن محل الفرض لا يسمى رأسا ، والفرض في الحلق والتقصير متعلق بالشعر بدليل أنه لو لم يكن على رأسه شعر سقط عنه الفرض بخلاف المسح ، وإذا كان الفرض ، متعلقا بالشعر فهو وإن طال يسمى شعر الرأس . أما إذا مسح على شعر مسترسل خرج عن منبته ولم يخرج عن محل الفرض فوجهان ، الصحيح منهما باتفاق الأصحاب أنه يجزئه . والثاني : لا يجزئه ، وهو ظاهر نصه في الأم فإنه قال : لو مسح بشيء من الشعر على منابت الرأس قد أزيل عن منبته لم يجزئه ، لأنه شعر على غير منبته فهو كالعمامة ، هذا نصه ، وتأوله الشيخ أبو حامد والمحاملي على ما إذا كان الشعر مسترسلا خارجا عن محل الفرض فعقصه في وسط رأسه وهذا تأويل ظاهر . واعلم أن مسألة الوجهين في شعر خرج عن منبته ولكن بحيث لو مد لم يخرج عن محل الفرض ، فإن كان متجعدا بحيث لو مد موضع المسح لخرج عن محل الفرض فقال الجمهور : لا يجوز المسح عليه وجها واحدا ، ممن قطع بذلك أبو محمد الجويني في الفروق وولده إمام الحرمين والغزالي والمتولي وجماعات وحكى القاضي حسين فيه وجها وهو شاذ ضعيف فإنه كمسألة المعقوص في وسط الرأس والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية