الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ درس ] فصل يذكر فيه حكم سجود السهو وما يتعلق به والسهو الذهول عن الشيء بحيث لو نبه بأدنى تنبيه لتنبه والنسيان هو الذهول عن الشيء لكن لا يتنبه له بأدنى تنبيه وأعقبه للفصل السابق لجامع الذهول فيهما إلا أن الذهول هنا متعلق بالبعض وبدأ بحكمه بقوله ( سن لسهو ) من إمام وفذ ولو حكما كالقاضي بعد سلام إمامه إن لم يتكرر السهو بل ( وإن تكرر ) من نوع أو أكثر وهذا مبالغة في سجدتان اللاتي أي سن سجدتان لأجل سهو وإن تكرر ويجوز أنه مبالغة في سن لدفع توهم الوجوب عند التكرر ( بنقص سنة مؤكدة ) داخل الصلاة محققا أو مشكوكا في حصوله أو شك فيما حصل هل هو نقص أو زيادة ( أو ) بنقص سنة ولو لغير مؤكدة ( مع زيادة ) وسواء كان النقص والزيادة محققين أو مشكوكين أو أحدهما [ ص: 274 ] محققا والثاني مشكوكا ( سجدتان قبل سلامه ) في الصور السبع ويسجده بالجامع وغيره في غير صلاة الجمعة ( و ) يسجده ( بالجامع ) الذي صلى فيه ( في الجمعة ) المترتب نقصه فيها كما لو أدرك مع إمام ركعة وقام للقضاء فسها عن السورة مثلا ولا يسجده في غيره وهو مبني على الراجح من أن مجرد الخروج من المسجد لا يعد طولا وإنما الطول بالعرف وتسميته حينئذ قبليا باعتبار ما كان وإلا فهو الآن واقع بعده وأما السجود البعدي من الجمعة فيسجده في أي جامع كان ( وأعاد ) من سجد القبلي ( تشهده ) بعده استنانا ليقع سلامه عقب تشهد ولا يدعو فيه وهذه إحدى مواضع لا يطلب في تشهدها الدعاء ومن أقيمت عليه الصلاة ولو في فرض أو خرج عليه الخطيب وهو في تشهد نافلة ومن سها عن التشهد حتى سلم الإمام أو سلم عليه وهو في أثنائه أو بعد تمامه قبل شروعه في الدعاء وفهم من قوله أعاد أن القبلي يكون بعد الفراغ من التشهد بل وبعد الصلاة على النبي والدعاء ثم مثل لنقص السنة المؤكدة بقوله ( كترك جهر ) لفاتحة فقط ولو مرة وأولى مع سورة أو بسورة فقط في ركعتين لأنه فيها سنة خفيفة وأتى بدله بأدنى السر فإن أتى بأعلاه بأن أسمع نفسه فلا سجود كما يأتي

التالي السابق


( فصل سن لسهو ) . ( قوله بحيث لو نبه إلخ ) أي لكون الشيء قد زال من المدركة مع بقائه في الحافظة .

( قوله لكن لا يتنبه إلخ ) أي لكون الشيء قد زال من المدركة والحافظة معا .

( قوله إلا أن الذهول هنا متعلق بالبعض ) أي وما تقدم تعلق بكل الصلاة .

( قوله سن لسهو ) أراد به موجب السجود ليشمل الطول بالمحل الذي لم يشرع فيه الطول فإنه يسجد له ولا سهو هنا بل هو عمد ثم إن ما ذكره المصنف من سنية السجود للسهو سواء كان قبليا أو بعديا هو المشهور من المذهب وقيل بوجوب القبلي قال في الشامل وهو مقتضى المذهب .

( قوله وإن تكرر ) أي السهو بمعنى موجب السجود وقوله من نوع أي حالة كون ذلك السهو المتكرر من نوع كزيادة أو نقص وقوله أو أكثر أي كزيادة ونقص .

( قوله أي سن سجدتان ) أي لا أكثر لأجل سهو وقوله وإن تكرر أي قبل السجود للسهو أما إن كان التكرر بعد السجود فإن السجود يتكرر كما إذا سجد المسبوق مع إمامه القبلي ثم سها في قضائه بنقص أو زيادة فإنه يسجد لسهوه الثاني ولا يجتزئ بسجوده السابق مع الإمام أو تكلم المصلي بعد سجوده القبلي وقبل سلامه فإنه يسجد بعد السلام أيضا وكذا إذا سجد القبلي ثلاثا فإنه يسجد بعد السلام عند اللخمي وقال غيره لا سجود عليه أما البعدي إذا سجده ثلاثا فلا يسجد له أصلا .

( قوله بنقص ) الباء للملابسة متعلقة بسهو أي سن سجدتان قبل سلامه لأجل سهو ملتبس بنقص سنة وتلبسه بنقص السنة لكونه سببا له وهو مسبب عنه وإضافة نقص إلى سنة من إضافة المصدر للمفعول أي بنقص المصلي سنة أو إضافة المصدر للفاعل لأن نقص يأتي لازما ومتعديا .

( قوله بنقص سنة مؤكدة داخلة الصلاة ) وأما المؤكدة الخارجة عنها كالإقامة فلا يسجد لنقصها فإن سجد لها قبل السلام بطلت صلاته وكذلك إذا كانت السنة غير مؤكدة وكانت داخلة فيها فلا يسجد لها فإن سجد لها قبل السلام بطلت صلاته كما يأتي في قول المصنف ولتكبيرة ويدخل في السنة المؤكدة الفاتحة بناء على أنها سنة في الأقل فإذا [ ص: 274 ] سها عنها في أقل الصلاة وأتى بها في جلها فإنه يسجد لها فإذا لم يسجد لها كان بمنزلة من ترك السجود القبلي المترتب عن ثلاث سنن .

( قوله محققا ) أي ذلك النقص .

( قوله ولو غير مؤكدة ) أي كتكبيرة وقوله مع زيادة أي كقيامه مع ذلك لخامسة وعلم منه أن النقص مع الزيادة لا يشترط في المنقوص أن يكون سنة مؤكدة وهذا هو المشهور خلافا لمن قيد بذلك .

( قوله سجدتان ) فلا تجزئ الواحدة فلو سجد واحدة فإن تذكر قبل السلام أضاف إليها أخرى وإن تذكر بعد السلام سجد الأخرى وتشهد وسلم ولا سجود عليه وتمتنع الزيادة على اثنتين ولا سجود عليه إن زاد عليهما قبليا أو بعديا وخالف اللخمي في القبلي فقال إن سجد ثلاثا سجد بعد السلام كما مر ولا يكفي عن السجدتين إعادة الصلاة فما ترتب عليه سجود قبلي غير مبطل تركه أو بعدي فأعرض عنه وأعاد الصلاة لم تجزه تلك الصلاة عن ذلك السجود لترتبه في ذمته ولا بد أن يأتي بذلك السجود بعدها كما نقله ابن ناجي في شرح المدونة عن ابن بشير وقول الذخيرة ترقيع الصلاة بالسجود أولى من إبطالها وإعادتها للعمل فقد حملوا أولى فيه على الوجوب كما قال شيخنا .

( قوله قبل سلامه ) أي وبعد تشهده ودعائه والظاهر أنه لو سجد قبل التشهد فإنه يكفي ويكفيه له وللصلاة تشهد واحد قاله شيخنا .

( قوله ويسجده بالجامع وغيره ) أي سواء كان عن نقص ثلاث سنن أو أقل بناء على أن الخروج من المسجد لا يعد طولا والطول بالعرف .

( قوله وبالجامع في الجمعة ) مثل الجامع رحبته والطرق المتصلة به بناء على المعتمد من صحة الصلاة فيهما ولو انتفى الضيق واتصال الصفوف .

( قوله فسها عن السورة ) أي ثم سلم وتذكر بعد السلام فلا يسجده في غيره .

( قوله ولا يسجد في غيره ) أي إذا خرج من المسجد بل يرجع له ويسجد فيه فإن سجده في غيره كان كتركه فيفصل بين كونه عن ثلاث سنن أو أقل فإن كان الأول بطلت الصلاة إن طال بالعرف وإلا فلا وإن كان الثاني فلا بطلان مطلقا .

( قوله في أي جامع كان ) أي سواء كان الأول الذي صلاها فيه أو غيره وظاهره أنه لا يكفي سجوده في غير مسجد جامع كالزوايا وهو ما يفيده كلام أبي الحسن .

( قوله وأعاد تشهده بعده استنانا ) أي على المشهور خلافا للمازري من عدم إعادة التشهد ولما روي من أن إعادته مندوبة ( قوله ثم مثل لنقص السنة ) أي الموجب للسجود القبلي .

( قوله كترك جهر إلخ ) أدخل بالكاف ترك كل ما كان مؤكدا من سنن الصلاة الثمانية عشر غير السر فالمؤكدة ثمانية السر والسورة والتشهد الأول والأخير والتكبير غير الإحرام والتسميع والجهر والجلوس بقدر التشهد فترك كل واحد من هذه موجب للسجود لكن ترك السر وإبداله بالجهر يسجد له بعد السلام وما عداه يسجد له قبل .

( قوله في ركعتين ) أي لا في ركعة لأنه فيها سنة خفيفة وتركها لا يوجب سجودا وكان الأولى أن يقول لأنه فيها بعض سنة خفيفة لما مر أن الجهر سنة في محله كله .

( قوله وأتى بدله إلخ ) راجع لقول [ ص: 275 ] المصنف كترك جهر




الخدمات العلمية