الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5672 ) فصل : فإن رأى نقوشا ، وصور شجر ، ونحوها ، فلا بأس بذلك ; لأن تلك نقوش ، فهي كالعلم في الثوب . وإن كانت فيه صور حيوان ، في موضع يوطأ أو يتكأ عليها ، كالتي في البسط ، والوسائد ، جاز أيضا . وإن كانت على الستور والحيطان ، وما لا يوطأ ، وأمكنه حطها ، أو قطع رءوسها ، فعل وجلس ، وإن لم يمكن ذلك ، انصرف ولم يجلس ; وعلى هذا أكثر أهل العلم ، قال ابن عبد البر : هذا أعدل المذاهب . وحكاه عن سعد بن أبي وقاص ، وسالم ، وعروة ، وابن سيرين ، وعطاء ، وعكرمة بن خالد ، وعكرمة مولى ابن عباس ، وسعيد بن جبير . وهو مذهب الشافعي ، وكان أبو هريرة يكره التصاوير ، ما نصب منها وما بسط . وكذلك مالك ، إلا أنه كان يكرهها تنزها ، ولا يراها محرمة .

                                                                                                                                            ولعلهم يذهبون إلى عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة } . متفق عليه وروي عن ابن مسعود ، أنه دعي إلى طعام ، فلما قيل له : إن في البيت صورة أبى أن يذهب حتى كسرت .

                                                                                                                                            ولنا ما روت عائشة ، قالت { قدم النبي صلى الله عليه وسلم من سفر ، وقد سترت لي سهوة بنمط فيه تصاوير ، فلما رآه قال : أتسترين الخدر بستر فيه تصاوير ؟ فهتكه . قالت : فجعلت منه منتبذتين ، كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا على إحداهما } . رواه ابن عبد البر . ولأنها إذا كانت تداس وتبتذل ، لم تكن معززة ولا معظمة ، فلا تشبه الأصنام التي تعبد وتتخذ آلهة ، فلا تكرم .

                                                                                                                                            وما رويناه أخص مما رووه ، وقد روي عن { أبي طلحة . أنه قيل له : ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ؟ قال : ألم تسمعه قال : إلا رقما في ثوب ؟ } متفق [ ص: 216 ] عليه . وهو محمول على ما ذكرناه من أن المباح ما كان مبسوطا ، والمكروه منه ما كان معلقا ، بدليل حديث عائشة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية