الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                باب الحجر أنواعه ذكر منها في الروضة ثمانية : حجر الصبي ، والمجنون ، والسفيه ، والراهن للمرتهن ، والمريض للورثة ، والمفلس لحق الغرماء والعبد لسيده ، والمرتد للمسلمين . وزاد في الكفاية : الحجر على السيد في المكاتب . وفي الجاني ، وعلى الورثة في التركة . وزاد في المطلب : الحجر على الغريب المشترى في جميع ماله حتى يوفي الثمن ، وعلى الأب إذا عقه ابنه بجارية ، حتى لا يبيعها قاله القاضي حسين والمتولي .

                وزاد السبكي : الحجر على الممتنع من وفاء دينه ، وماله زائد ، إذا التمسه الغرماء في الأصح ، وزاد الإسنوي : إذا رد بعيب ، فله حبس السلعة ، ويحجر على البائع في بيعها ، حتى يؤدي الثمن ، قاله المتولي ، وعلى من غنم مال حربي مديون قد استرق حتى يوفي ، وعلى المشتري في البيع قبل القبض ، قاله الجرجاني ، وعلى العبد المأذون للغرماء وعلى السيد في نفقة المزوجة ، حتى يعطيها بدلها . وعلى مالك دار قد استحقت العدة فيها بالحمل أو الأقراء . وعلى من اشترى عبدا بشرط العتق ، وفي المستولدة . [ ص: 459 ] وفيما إذا أعتق شريكه الموسر نصيبه .

                إذا قلنا : لا يسري إلا بدفع القيمة . وفيما استؤجر على العمل فيه ، حتى يفرغ ويعطى أجرته . وفيما إذا قال شريكان لعبد بينهما : إذا متنا فأنت حر . فمات أحدهما ، فليس لوارثه التصرف فيه بالبيع ونحوه ونصيب الآخر مدبر ، حتى يموت ، فيعتق كله . وفيما إذا نعل المشتري الدابة ، ثم اطلع على عيبها ، وقلعه بعيبها . فردها ، وترك له النعل : أجبر على قبوله ; وهو إعراض عنه في الأصح ، فيكون للمشتري لو سقط ، ويمتنع عليه بيعه ; كدار المعتدة . وفيما إذا أعار أرضا للدفن ، فيمتنع بيعها قبل بلى الميت .

                وفيما إذا خلط المغصوب بما لا يتميز : فعليه بدله ، ويحجر عليه فيه إلى رد البدل ، وفيما إذا أوصى بعين تخرج من الثلث وباقي ماله غائب ، فيحجر على الموصى له في الثلثين لاحتمال التلف ، وفي الثلث على الأصح ; لعدم تمكن الوارث من الثلثين .

                وفيما إذا أقام شاهدين على ملك ، ولم يعدلا فيمتنع على صاحب اليد البيع ونحوه ، بعد حيلولة الحاكم وقبلها على أحد الوجهين ، وفيما إذا اشترى عبدا بثوب وشرطا الخيار لمالك العبد ، فالملك له فيه ; ويبقى الثوب على ملك الآخر لئلا يجتمعا في سلك واحد ; ولا يجوز لمالكه التصرف فيه .

                وفيما إذا أحبل الراهن المرهونة ، وهو معسر : فلا ينفذ الاستيلاد ، ومع ذلك لا يجوز بيعها في الأصح ; لأنها حامل بحر ، ولا بعد الولادة حتى تسقيه اللبأ ، ويجد مرضعة : خوفا من سفر المشتري بها فيهلك الولد ، وفيما إذا أعطى الغاصب القيمة للحيلولة ثم ظهر المغصوب . فله حبسه إلى استرداد القيمة . ويلزم من حبسه : امتناع تصرف ] مالكه فيه بطريق الأولى .

                وفي بدل العين الموصى بمنفعتها إذا تلفت فيمتنع على الوارث التصرف فيه لأنه يستحق عليه أن يشتري به ما يقوم مقامه . وفيما إذا أعطى لعبده قوته ، ثم أراد عند الأكل إبداله ، لم يكن له ذلك . قاله الروياني وقيده الماوردي بما إذا تضمن الإبدال تأخير الأكل . وفيما إذا نذر إعتاق عبده ، فليس له التصرف فيه ، وإن لم يخرج عن ملكه . وفيما إذا دخل وقت الصلاة وعنده ما يتطهر به : لم يصح بيعه ، ولا هبته .

                وفيما إذا وجبت عليه كفارة على الفور ، وفي ملكه : ما يكفر به ، فقياس ما سبق : امتناع تصرفه فيه . وفيما إذا كان عليه دين لا يرجو وفاءه أو وجبت عليه كفارة لا يحل له التصدق بما معه ، ولا هبته ، ولكن لو فعل ، ففي صحته نظر . [ ص: 460 ]

                هذا آخر ما ذكره في المهمات . قال الشيخ ولي الدين في النكت : وبقيت مسائل أخرى : منها : الحجر على المالك قبل إخراج الزكاة ، وعلى الوارث في العين الموصى بها قبل القول . وعلى السيد فيما بيد العبد المأذون : إذا ركبه ديون . وإذا اشترى شراء فاسدا ، وقبض الثمن ، فله الحبس إلى استرداده على رأي ، ويلزم منه امتناع التصرف . وحجر القاضي على من ادعى عليه بدين في جميع ماله إذا اتهم بحيلة .

                وقد أقام المدعي شاهدين ، ولم يزكيا على رأي . والحجر على النائم . قاله القاضي حسين . وعلى المشتري : إذا خرس في مجلس البيع ، فإن الحاكم ينوب عنه فيما قاله الرافعي وعلى الواقف في الموقوف ، إن قلنا إنه ملكه .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية