الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2849 [ ص: 178 ] 145 - باب: فضل من أسلم من أهل الكتابين

                                                                                                                                                                                                                              3011 - حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا صالح بن حي أبو حسن قال: سمعت الشعبي يقول، حدثني أبو بردة أنه سمع أباه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: الرجل تكون له الأمة فيعلمها فيحسن تعليمها، ويؤدبها فيحسن أدبها، ثم يعتقها فيتزوجها، فله أجران، ومؤمن أهل الكتاب الذي كان مؤمنا، ثم آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فله أجران، والعبد الذي يؤدي حق الله وينصح لسيده". ثم قال الشعبي: وأعطيتكها بغير شيء، وقد كان الرجل يرحل في أهون منها إلى المدينة. [انظر: 97 - مسلم: 154 - فتح: 6 \ 145].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي موسى قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين" فذكر الأمة والعبد. وسلف في العتق. ومؤمن أهل الكتاب الذي كان مؤمنا ثم آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - . ثم قال الشعبي: وأعطيتكها بغير شيء، وقد كان الرجل يرحل في أهون منها إلى المدينة.

                                                                                                                                                                                                                              فيه: أن من أحسن في معنيين من أي فعل كان من أفعال البر فله أجره مرتين، والله يضاعف لمن يشاء، وإنما جاء النص في هؤلاء الثلاثة ليستدل بذلك في سائر الناس وسائر الأعمال، نبه عليه المهلب .

                                                                                                                                                                                                                              قال الداودي : في قوله: "ومؤمن أهل الكتاب" يعني من بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على دين عيسى، وأما اليهود وغيرهم ممن كان على غير الإسلام فإنما وضع عليه ما كان عليه من كفر، ويؤتى ثواب ما كان

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 179 ] يفعله لله في حال كفره. قال - صلى الله عليه وسلم - لحكيم: "أسلمت على ما سلف من خير".

                                                                                                                                                                                                                              وتعقبه ابن التين فقال: هذا الذي ذكره إنما يصح لو كان عيسى أرسل إلى سائر الأمم، لكن من كذب به كان كافرا، فإن لم يكن أحد يكذب به أو لم يعلم برسالته وبقي على دينه يهوديا أو غيره فله أجران إذا أسلم، وهو معنى قوله تعالى: أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا [القصص: 54].

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن (المنير): إن قلت: مؤمن من أهل الكتاب لا بد أن يكون مؤمنا بنبينا للعهد المتقدم والميثاق، فإذا بعث - صلى الله عليه وسلم - فإيمانه الأول يستمر، فكيف يتعدد حتى يتعدد أجره؟ وجوابه بأن إيمانه الأول بأن الموصوف كذا رسول، وثانيا: أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - هذا الموصوف وهما معلومان متباينان، وقد أسلفنا باقي الخصال في العتق، وقد أعتق الشارع صفية وتزوجها، وأدى كتابة جويرية وتزوجها، وستكون لنا عودة (إليه) في النكاح إن شاء الله.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية