الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا

                                                                                                                                                                                                                                      2 - وآتوا اليتامى أموالهم يعني: الذين مات آباؤهم فانفردوا عنهم. واليتم: الانفراد، ومنه: الدرة اليتيمة، وقيل: اليتم في الأناسي من قبل الآباء، وفي البهائم من قبل الأمهات. وحق هذا الاسم أن يقع على الصغار والكبار; لبقاء معنى الانفراد عن الآباء، إلا أنه قد غلب أن يسموا به قبل أن يبلغوا مبلغ الرجال، فإذا استغنوا بأنفسهم عن كافل وقائم عليهم زال هذا الاسم عنهم. وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يتم بعد الحلم" تعليم شريعة لا لغة. يعني: أنه إذا احتلم لم تجر عليه أحكام الصغار، والمعنى: وآتوا اليتامى أموالهم بعد [ ص: 328 ] البلوغ. وسماهم يتامى; لقرب عهدهم -إذا بلغوا- بالصغر. وفيه إشارة إلى ألا يؤخر دفع أموالهم إليهم عن حد البلوغ إن أونس منهم الرشد، وأن يؤتوها قبل أن يزول عنهم اسم اليتامى والصغار ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تستبدلوا الحرام -وهو مال اليتامى- بالحلال -وهو مالكم-، أو لا تستبدلوا الأمر الخبيث -وهو اختزال أموال اليتامى- بالأمر الطيب -وهو حفظها، والتورع عنها-. والتفعل بمعنى الاستفعال غير عزيز، ومنه التعجل بمعنى الاستعجال، ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم "إلى" متعلقة بمحذوف، وهو في موضع الحال، أي: مضافة إلى أموالكم، والمعنى: ولا تضموها إليها في الإنفاق حتى تفرقوا بين أموالكم وأموالهم قلة مبالاة بما لا يحل لكم، وتسوية بينه وبين الحلال. إنه إن أكلها كان حوبا كبيرا ذنبا عظيما.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية