الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            57 - بلوغ المأمول في خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم

            بسم الله الرحمن الرحيم

            الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى .

            مسألة : حديث : من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ورد من حديث ابن عباس ، وأبي هريرة ، وجابر ، فأما حديث ابن عباس فأخرجه عبد الرزاق في المصنف ، وأحمد في مسنده ، وابن جرير في تهذيب الآثار ، وأبو داود ، والترمذي والنسائي ، وابن ماجه ، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي ، وأبو يعلى ، والعدني في مسنديهما ، وعبد بن حميد وابن الجارود في المنتقى ، والدارقطني في سننه ، والطبراني ، والحاكم في المستدرك وصححه ، والبيهقي في سننه ، والضياء المقدسي في المختارة - وقد صححه جمع من الأئمة الحفاظ - الحاكم كما ذكرناه وابن الجارود ، وحيث أخرجه في المنتقى فإنه التزم فيه الصحيح ، والضياء حيث أخرجه في المختارة فإنه التزم فيها الصحيح الزائد على الصحيحين وقالوا : إن صحيحها أقوى من صحيح المستدرك ، وصححه أيضا ابن الطلاع في أحكامه نقله عنه الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي ، ولما حكى الحافظ أبو الفضل العراقي في شرح الترمذي أن الحاكم صححه أقره وأورد له عدة طرق تقوية لإسناده .

            وأما حديث أبي هريرة فأخرجه ابن ماجه ، والبزار ، وابن جرير ، والحاكم ، وصححه أيضا ابن الطلاع ، لكن تعقب الحافظ ابن حجر تصحيح ابن الطلاع له فقال : حديث أبي هريرة لم يصح .

            قلت : لكن صحح حديث أبي هريرة وابن عباس معا ابن جرير في تهذيب الآثار ، ولعله الذي حمل الحاكم على تصحيح حديث أبي هريرة ، وإنما ثبت حديث ابن عباس وتعقب الذهبي تصحيح الحاكم لحديث أبي هريرة فقال : في سنده عاصم بن عمر العمري وهو ضعيف ، واعتذر عنه الحافظ العراقي بأنه إنما أخرجه شاهدا لحديث ابن عباس .

            [ ص: 133 ] وأما حديث جابر فأشار إليه الترمذي حيث قال عقب حديث ابن عباس : وفي الباب عن جابر وأبي هريرة ، وقال العراقي في شرحه : رواه ابن حزم من طريق محمد بن القاسم عن يحيى بن أيوب عن عباد بن كثير عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه ، ورواه ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن رجل عن ابن عقيل ، انتهى .

            وقد أخرج حديث جابر الحارث ابن أبي أسامة في مسنده ، وابن جرير في تهذيب الآثار من طريق عباد بن كثير عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر : من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه .

            وقد رأيت له طريقا آخر من حديث علي ، وقد فات الحافظين : العراقي ، وابن حجر ، قال ابن جرير في تهذيب الآثار : حدثني محمد بن معمر البحراني ثنا يحيى بن عبد الله بن بكر ثنا حسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يرجم من عمل عمل قوم لوط أحصن أو لم يحصن .

            تنبيه : إنما احتاج الحاكم في تصحيح هذا الحديث إلى شاهد ; لأن راويه عن عكرمة عن ابن عباس عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب ، وعمرو وثقه الجمهور منهم مالك والبخاري ومسلم ، وأخرجا حديثه في الصحيحين في الأصول ، وضعفه أبو داود والنسائي ، ولأجل ذلك أنكر النسائي حديثه هذا ، وقال يحيى : كان يستضعف ، قال الذهبي في الميزان بعد حكاية هذا : ما هو بمستضعف ولا بضعيف ، نعم ولا هو في الثقة كالزهري وذويه ، قال : وروى أحمد بن أبي مريم عن ابن معين قال : عمرو بن أبي عمرو ثقة ينكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اقتلوا الفاعل والمفعول به قال الذهبي عقب ذلك : حديثه صالح حسن منحط عن الدرجة العليا من الصحيح انتهى .

            والمقرر في علوم الحديث أن من يكون بهذه الصفة إذا وجد له متابع أو شاهد حكم لحديثه بالصحة ، فلهذا احتاج الحاكم إلى تخريج حديث أبي هريرة ليكون شاهدا لحديث ابن عباس ، وإن كان حديث أبي هريرة ليس على شرط الصحيح إلا أنه أورده شاهدا أصلا ليتم له تصحيح حديث ابن عباس ، وقد أورد الحافظ أبو الفضل العراقي عدة طرق لحديث ابن عباس تقوية لتصحيح الحاكم له فقال : قد ورد أيضا من رواية داود بن الحصين ، وعباد بن منصور ، وحسين بن عبد الله عن عكرمة ، فهؤلاء ثلاثة متابعين لعمرو بن أبي عمرو ، فرواية داود أخرجها أحمد في مسنده باللفظ السابق [ ص: 134 ] وأخرجها ابن جرير والبيهقي في سننه بلفظ : " من وقع على الرجل فاقتلوه " ، ورواية عباد أخرجها البيهقي بلفظ في الذي يعمل عمل قوم لوط وفي الذي يؤتى في نفسه قال : يقتل ، وأخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار بلفظ : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اقتلوا الفاعل والمفعول به في اللوطية ، ورواية حسين أخرجها الطبراني في الكبير باللفظ السابق .

            وأورد العراقي أيضا لحديث أبي هريرة طريقين آخرين : أحدهما في المستدرك ومعجم الطبراني الأوسط ، والثاني في المعجم الأوسط ، ولفظهما مخالف للفظ السابق ، ثم أورد حديث جابر كما تقدم ثم قال : وفي الباب عن أبي موسى الأشعري عند البيهقي ، وعن [ أبي ] أيوب عند الطبراني في الكبير ، هذا جميع ما أورده العراقي من الشواهد لتصحيح حديث ابن عباس .

            قلت : وقد وجدت شاهدا آخر زيادة على ذلك قال أبو نعيم في الحلية : ثنا أبو محمد طلحة ، وأبو إسحاق سعد ، أنبأ محمد بن إسحاق الناقد قالا : ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا أبي ، ثنا وكيع ، ثنا محمد بن قيس عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن : أن عثمان أشرف على الناس يوم الدار فقال : أما علمتم أنه لا يجب القتل إلا على أربعة : رجل كفر بعد إسلامه ، أو زنى بعد إحصانه ، أو قتل نفسا بغير نفس ، أو عمل عمل قوم لوط .

            وقال ابن أبي شيبة في المصنف : ثنا وكيع ، ثنا محمد بن قيس عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن : أن عثمان أشرف على الناس يوم الدار فقال : أما علمتم أنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا بأربعة : رجل عمل عمل قوم لوط ، هذا إسناد صحيح ، وفي قول عثمان رضي الله عنه للناس : أما علمتم دليلا على اشتهار هذا عندهم كالثلاثة المذكورة معه ، وقال ابن أبي شيبة : ثنا غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة قال : سئل ابن عباس ما حد اللوطي ؟ قال : ينظر إلى أعلى بناء في القرية فيرمى منه منكسا ثم يتبع بالحجارة .

            وقال عبد الرزاق في المصنف عن ابن جريج . ح ، وقال ابن أبي شيبة : ثنا محمد بن بكر عن ابن جريج قال : أخبرني عبد الله بن عثمان بن حثيم سمع مجاهدا وسعيد بن جبير يحدثان عن ابن عباس أنه قال في البكر يوجد على اللوطية : إنه يرجم ، وقال ابن أبي شيبة : ثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن القاسم أبي الوليد عن يزيد بن قيس أن عليا [ ص: 135 ] رجم لوطيا ، وقال : ثنا وكيع عن سفيان عن جابر عن مجاهد في اللوطي قال : يرجم أحصن أو لم يحصن ، وقال : ثنا يزيد ، أنا حماد بن سلمة ، عن حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم في اللوطي قال : لو كان أحد يرجم مرتين رجم هذا . وقال : ثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن عبيد الله بن عبد الله بن معمر في اللوطي قال : عليه الرجم قتلة قوم لوط . وقال : ثنا عبد الأعلى ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن جابر بن زيد قال : حرمة الدبر أعظم من حرمة الفرج ، قال قتادة : نحن نحمله على الرجم .

            فهذه الآثار كلها شواهد لتقوية حديث ابن عباس ، وكيف يعتمد مولى يحيى وأبي داود والنسائي في ضعف راويه لو انفرد ، وقد وثقه رؤوس الأئمة مالك والبخاري ومسلم الذين هم مقدمون على كل حافظ في عصرهم ومن بعدهم وخرجوا له في الأصول ، وقد قال الذهبي في الموعظة : من أخرج له الشيخان أو أحدهما على قسمين : أحدهما ما احتجا به في الأصول ، وثانيهما : من خرجا له متابعة وشهادة واعتبارا ، فمن احتجا به أو أحدهما ولم يوثق ولا غمز : فهو ثقة حديثه قوي ، ومن احتجا به أو أحدهما وتكلم فيه : فتارة يكون الكلام [ تعنتا والجمهور على توثيقه ; فهذا حديثه قوي أيضا ، وتارة يكون الكلام ] في تليينه وحفظه له اعتبار ; فهذا حديثه لا ينحط عن مرتبة الحسن الذي قد يسميها من أدنى درجات الصحيح ، فما في الكتابين بحمد الله رجل احتج به البخاري أو مسلم في الأصول ورواياته ضعيفة بل حسنة أو صحيحة ، ومن خرج له البخاري أو مسلم في الشواهد والمتابعات ففيهم من في حفظه شيء وفي توثيقه تردد ، فكل من خرج له في الصحيحين فقد قفز القنطرة فلا معدل له إلا ببرهان بين ، نعم ، الصحيح مراتب والثقات طبقات ، انتهى كلام الذهبي في الموعظة ، وقد ذكر في الميزان أن عمرو بن أبي عمر خرج حديثه في الصحيحين في الأصول فكيف يحكم على حديثه هذا بالضعف كما تراه في كلام الذهبي ، هذا وهو لم ينفرد بل له متابعون عن عكرمة ولحديثه شواهد من رواية عدة من الصحابة ، فلهذا صححه من صححه من الحفاظ ولم يلتفتوا إلى تضعيف من ضعف راويه واحتاج الحاكم إلى إيراد شاهد له ; لأن أقل أحوال عمرو أن يكون حديثه حسنا فيحتاج إلى شاهد يرقيه إلى درجة الصحة والله أعلم .

            [ ص: 136 ] تنبيه آخر : ذكر الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي أن حديث ابن عباس المذكور مختلف في ثبوته فنبه بذلك على فائدة مهمة من اصطلاح الحديث ، وقد أحببت أن أبينها ; لأن من لا إلمام له بعلم الحديث لا يفهم مراده بذلك ، وربما توهم أن ذلك قدح في الحديث كما رأى من لا معرفة له بالفن قول الترمذي في حديث : أنا دار الحكمة وعلي بابها في بعض النسخ هذا حديث منكر ، فظن أنه أراد أنه باطل أو موضوع ; لعدم علمه بالمصطلح وجهله أن المنكر من أقسام الضعيف الوارد لا من أقسام الباطل الموضوع ، وإنما هذا لفظ اصطلحوا عليه وجعلوه لقبا لنوع محدود من أنواع الضعيف ، كما اصطلح النحاة على جعلهم الموصول مثلا لقبا لبعض أنواع المعرفة ، وقد وقع للخطيب البغدادي أنه روى في تاريخه حديثا باطلا وقال عقبه : هذا حديث منكر ، فتعقبه الذهبي في الميزان وقال : العجب من الخطيب كيف يطلق لفظ المنكر على هذا الخبر الباطل ، وإنما أطلق المنكر على حديث القلتين ، ووصف في الميزان عدة أحاديث في مسند أحمد وسنن أبي داود وغيرهما من الكتب المعتمدة بأنها منكرة ، بل وفي الصحيحين أيضا ، وما ذاك إلا لمعنى يعرفه الحفاظ وهو أن النكارة ترجع إلى الفردية ، ولا يلزم من الفردية ضعف متن الحديث فضلا عن بطلانه ، وطائفة كابن الصلاح ترى أن المنكر والشواذ مترادفان ، وكم في الصحيح من حديث وصف بالشذوذ ، كحديث مسلم في نفي قراءة البسملة في الصلاة فإن الإمام الشافعي رضي الله عنه حكم عليه بالشذوذ ، وليس لك أن تقول قد شرطوا في الصحيح أن لا يكون شاذا فكيف يستقيم أن يكون مخرجا في الصحيح ويحكم عليه بالشذوذ ; لأن هذا أيضا من عدم معرفتك بالضعف ، فإن ابن الصلاح لما ذكر ضابط الصحيح وشرط أن لا يكون شاذا قال في آخر الكلام : فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث فأشار إلى أن هذا ضابط الصحيح المتفق عليه ، وبقي من الصحيح نوع آخر لم يدخل في هذا الضابط وهو الصحيح المختلف فيه ، ولهذا قال الزركشي في شرح مختصر ابن الصلاح : خرج الصحيح المختلف فيه عن هذا التعريف ، ثم قال ابن الصلاح بعد هذا : فوائد مهمة : أحدها الصحيح يتنوع إلى متفق عليه ومختلف فيه ، ويتنوع إلى مشهور وغريب وبين ذلك ، قال الزركشي في شرحه ، والحافظ ابن حجر في نكته عند هذا الموضع : ذكر الحاكم في المدخل أن الصحيح من الحديث ينقسم عشرة أقسام : خمسة متفق عليها ، وخمسة مختلف فيها :

            فالأول من القسم الأول : اختيار البخاري ومسلم ، وهو الدرجة الأولى من [ ص: 137 ] الصحيح الذي يرويه الصحابي المشهور الذي له راويان ، والأحاديث المروية بهذا الشرط لا يبلغ عددها عشرة آلاف .

            الثاني : الصحيح بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى الصحابي وليس له إلا راو واحد .

            الثالث : أخبار جماعة من التابعين الذين ليس لهم إلا راو واحد .

            الرابع : هذه الأحاديث الأفراد والغرائب التي يرويها الثقات العدول تفرد بها ثقة من الثقات وليس لها طرق مخرجة في الكتب .

            الخامس : أحاديث جماعة من الأئمة عن آبائهم عن أجدادهم ولم تتواتر الرواية عن آبائهم عن أجدادهم بها إلا عنهم .

            وأما الأقسام الخمسة المختلف في صحتها :

            فالأول : المرسل صحيح عند أهل الكوفة .

            الثاني : رواية المدلسين إذا لم يذكروا سماعهم ، وهي صحيحة عند جماعة منهم .

            الثالث : خبر يرويه ثقة من الثقات عن إمام من أئمة المسلمين فيسنده ثم يرويه عنه جماعة من الثقات فيرسلونه .

            الرابع : رواية محدث صحيح السماع صحيح الكتاب ظاهر العدالة غير أنه لا يعرف ما يحدث به ولا يحفظه فإن هذا القسم صحيح عند أكثر أهل الحديث ومنهم من لا يرى الحجة به .

            الخامس : روايات المبتدعة وأهل الأهواء فإن رواياتهم عند أهل العلم مقبولة إذا كانوا صادقين ، قال الحاكم : فهذه الأقسام ذكرتها لئلا يتوهم متوهم أنه ليس بصحيح إلا ما أخرجه البخاري ومسلم ، انتهى .

            إذا عرفت ذلك فقول الحافظ ابن حجر : وحديث ابن عباس مختلف في ثبوته ، أراد به بيان أنه من قسم الصحيح المختلف فيه لا من القسم المتفق عليه وقصد بذلك تكملة الفائدة ، فإن طريقته في هذا الكتاب أنه إذا كان الحديث من القسم الأول أطلق ثبوته ، وإذا كان من القسم الثاني نبه عليه ، وفي هذا الكتاب الجليل من نفائس الصناعة الحديثية ما لا يعرفه إلا المتبحر في الفن كمؤلفه ، فليحذر المرء من الإقدام على التكلم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير علم ، وليمعن في تحصيل الفن حتى يطول باعه ويرسخ قدمه ، ويتبحر فيه لئلا يدخل في حديث : من تكلم بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض . ولا يغتر بكونه لا يجد من ينكر عليه في الدنيا ، فبعد الموت يأتيه الخبر إما في القبر أو على الصراط ، والنبي صلى الله عليه وسلم هناك يخاصمه ويقول له : كيف تجازف في حديثي وتتكلم فيما ليس لك به علم ، فإما أن ترد شيئا قلته ، وإما أن تنسب إلي ما لم أقله ، أما قرأت فيما أنزل علي : ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) فيا خيبته يومئذ ويا فضيحته هذا إن مات مسلما وإلا عوقب والعياذ بالله [ ص: 138 ] بسوء الخاتمة كما يقول الخطباء على المنابر في بعض الخطب والذنوب ، فرب ذنب يعاقب العبد عليه بسوء الخاتمة ، وكما نقل الشيخ محيي الدين القرشي الحنفي في تذكرته عن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه أنه قال : أكثر ما يسلب الناس الإيمان عند الموت وأكبر أسباب ذلك الظلم ، وأي ظلم أعظم من الجرأة على الخوض في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير علم ، نسأل الله السلامة والعافية .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية