الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 164 ] باب حكم المرتد من كفر طوعا ولو هازلا بعد إسلامه ، قيل : طوعا ، وقيل : وكرها والأصح بحق ( م 1 ) فمرتد ، بأن أشرك بالله تعالى أو جحد صفة قال في الفصول : متفقا على إثباتها ، أو بعض كتبه ، أو رسله ، أو سبه ، أو رسوله ، أو ادعى النبوة . قال شيخنا : أو كان مبغضا لرسوله ولما جاء به اتفاقا .

                                                                                                          وقال : أو ترك إنكار منكر بقلبه ، أو جحد حكما ظاهرا مجمعا عليه ، كعبادة من الخمس ، أو تحريم خمر ونحوه ، أو شك فيه ومثله لا يجهله . قال شيخنا : ولهذا لم يكفر به النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الشاك في قدرة الله وإعادته ، لأنه لا يكون إلا بعد بلاغ الرسالة ، وأن منه قول عائشة { : يا رسول الله مهما يكتم الناس يعلمه الله ؟ قال نعم } رواه مسلم في الجنائز وفي أصول مسلم بحذف " قال " ، قال في شرح مسلم كأنها لما قالت ذلك صدقت نفسها فقالت : نعم .

                                                                                                          [ ص: 165 ] وحمل في الفنون الخبر الأول على أنه لم تبلغه الدعوة . قال : ويحمل على قول يرى أن العقل موجب على أنه كان في مهلة النظر لم يتكامل له النظر . { وقد سمع أبي بن كعب قراءة أنكرها ثم سمع قراءة سواها وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهما فقرآ عليه ، فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما قال : فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية . فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا وكأنما أنظر إلى الله فرقا ، فقال لي يا أبي أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف } الحديث ، رواه مسلم . قال شيخنا وغيره : في الإجماع إجماعا قطعيا ، وذكر أن كثيرا من أصحابنا وغيرهم فسقه فقط . قال : أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم ( ع ) قال جماعة : أو سجد لشمس أو قمر .

                                                                                                          قال في الترغيب : أو أتى بقول أو فعل صريح في الاستهزاء بالدين . قال شيخنا : أو توهم أن من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم قاتل مع الكفار ، أو أجاز ذلك ، وقيل : أو كذب على نبي أو أصر في دارنا على خمر وخنزير غير مستحل .

                                                                                                          وقال القاضي رأيت بعض أصحابنا يكفر جاحد تحريم النبيذ ، والمسكر كله كالخمر ، وسيأتي رواية في العدالة .

                                                                                                          [ ص: 164 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 164 ] باب حكم المرتد ( مسألة 1 ) قوله : " ومن كفر طوعا ولو هازلا بعد إسلامه ، قيل : طوعا ، وقيل : وكرها ، والأصح بحق " ، انتهى . ظاهر كلامه في الرعاية أنه لا بد أن يكون فعل ذلك بعد إسلامه طوعا ، فإنه قال : كل مسلم مكلف مختار فعل كذا وكذا إلى آخره ، انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) : ظاهر كلام أكثر الأصحاب أن هذه الأحكام مترتبة عليه حيث حكمنا بإسلامه ، وهو الصواب ، والله أعلم . وقوله : " والأصح بحق " . ينبغي أن يكون هذا بلا نزاع .




                                                                                                          الخدمات العلمية