الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ( 25 ) ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ( 26 ) إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ( 27 ) ) .

يقول تعالى ذكره : ( واذكر ) يا محمد ( اسم ربك ) فادعه به بكرة في صلاة الصبح ، وعشيا في صلاة الظهر والعصر ( ومن الليل فاسجد له ) يقول : ومن الليل فاسجد له في صلاتك ، فسبحه ليلا طويلا يعني : أكثر الليل ، كما قال جل ثناؤه : ( قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ) .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ) يعني : الصلاة والتسبيح . [ ص: 117 ]

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ) قال : بكرة : صلاة الصبح ، وأصيلا صلاة الظهر الأصيل .

وقوله : ( ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ) قال : كان هذا أول شيء فريضة . وقرأ : ( يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه ) ، ثم قال : ( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه ) إلى قوله : ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) إلى آخر الآية ، ثم قال : محي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الناس ، وجعله نافلة فقال : ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك ) قال : فجعلها نافلة .

وقوله : ( إن هؤلاء يحبون العاجلة ) يقول تعالى ذكره : إن هؤلاء المشركين بالله يحبون العاجلة ، يعني ، الدنيا ، يقول : يحبون البقاء فيها وتعجبهم زينتها ( ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ) يقول : ويدعون خلف ظهورهم العمل للآخرة ، وما لهم فيه النجاة من عذاب الله يومئذ ، وقد تأوله بعضهم بمعنى : ويذرون أمامهم يوما ثقيلا وليس ذلك قولا مدفوعا ، غير أن الذي قلناه أشبه بمعنى الكلمة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ) قال : الآخرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية