الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 10 ] فصل في معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه

اختلف العلماء في معنى هذا الحديث، وأكثرهم على أن المراد به: أنزل على سبع لغات; أي: فيه عبارة سبع قبائل، بلغة جملتها نزل القرآن، فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش، ومرة بعبارة هذيل، ومرة بعبارة أسد، ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظ.

وقد وهم بعض الناس فظن أن المراد بالسبعة أحرف الواردة في الحديث الشريف هي: قراءة الأئمة السبعة المشهورين، وهم: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وهو خطأ; فإن أئمة القراءة خلق كثير، ومن جملتهم هؤلاء السبعة، وأول من جمع قراءتهم الأستاذ الرحلة أبو بكر أحمد بن موسى بن مجاهد التميمي البغدادي بعد المائة الثالثة، واقتصر عليهم فقط، فظن من لا علم له أن هذه هي السبعة المذكورة في الخبر النبوي لا غير، وليس الأمر كذلك، بل هي لغات للعرب متفرقة في القرآن، مختلفة الألفاظ، متفقة المعاني.

[ ص: 11 ]

فالقراءات السبع متواترة بالاتفاق، وكذا الثلاث الزائدة عليها على الصحيح، وما لم يتواتر، فليس بقرآن، وهو ما خالف مصحف عثمان -رضي الله عنه-، وتكره قراءة ما صح منه، ولا تصح الصلاة به بالاتفاق، ويجوز عند أبي حنيفة أن يقرأ بالفارسية إذا أدت المعاني على كمالها من غير أن يخرم منها شيئا، وعنه: لا تجوز القراءة بالفارسية إلا للعاجز عن العربية، وهو قول صاحبيه، وعليه الاعتماد، وعند الثلاثة: لا تجوز بغير العربية، والله أعلم.

ومصحف عثمان أحد الحروف السبعة، وهو قول أئمة السلف -رضي الله عنهم-.

والتواتر لغة: التتابع بمهلة، واصطلاحا: خبر جمع مفيد للعلم.

والآحاد: ما لم يتواتر.

وللراوي شروط منها: الإسلام والعقل والبلوغ والضبط بالاتفاق، وكذا العدالة، وهي: صفة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة، وترك الكبائر والرذائل بلا بدعة مغلظة.

وعن أبي حنيفة: تقبل رواية مجهول العدالة، والله أعلم.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية