الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5766 ) فصل : إذا خالعته على رضاع ولده سنتين ، صح ، وكذلك إن جعلا وقتا معلوما ، قل أو كثر . وبهذا قال الشافعي لأن هذا مما تصح المعاوضة عليه في غير الخلع ، ففي الخلع أولى فإن خالعته على رضاع ولده مطلقا ، ولم يذكرا مدته ، صح أيضا ، وينصرف إلى ما بقي من الحولين . نص عليه أحمد ، قيل له : ويستقيم هذا الشرط رضاع ولدها ولا يقول : ترضعه سنتين ؟ قال : نعم . وقال أصحاب الشافعي لا يصح حتى يذكرا مدة الرضاع ، كما لا تصح الإجارة حتى يذكرا المدة .

                                                                                                                                            ولنا ، أن الله تعالى قيده بالحولين ، فقال تعالى { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } . وقال سبحانه : { وفصاله في عامين } وقال { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } ولم يبين مدة الحمل هاهنا والفصال ، فحمل على ما فسرته الآية الأخرى وجعل الفصال عامين ، والحمل ستة أشهر ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم { لا رضاع بعد فصال } يعني بعد العامين ، فيحمل المطلق من كلام الآدمي على ذلك أيضا ، ولا يحتاج إلى وصف الرضاع ، لأن جنسه كاف ، كما لو ذكر جنس الخياطة في الإجارة ، فإن ماتت المرضعة ، أو جف لبنها ، فعليها أجر المثل لما بقي من المدة . وإن مات الصبي فكذلك .

                                                                                                                                            وقال الشافعي ، في أحد قوليه : لا ينفسخ ، ويأتيها بصبي ترضعه مكانه ; لأن الصبي مستوفى به ، لا معقود عليه ، فأشبه ما لو استأجر دابة ليركبها فمات . ولنا أنه عقد على فعل في عين ، فينفسخ بتلفها ، كما لو ماتت الدابة المستأجرة ، ولأن ما يستوفيه من اللبن إنما يتقدر بحاجة الصبي ، وحاجات الصبيان تختلف ولا تنضبط ، فلم يجز أن يقوم غيره مقامه ، كما لو أراد إبداله في حياته ، ولأنه لا يجوز إبداله في حياته ، فلم يجز بعد موته ، كالمرضعة ، بخلاف راكب الدابة . وإن وجد أحد هذه الأمور قبل مضي شيء من المدة ، فعليها أجر رضاع مثله .

                                                                                                                                            وعن مالك كقولنا ، وعنه : لا يرجع بشيء . وعن الشافعي كقولنا ، وعنه : يرجع بالمهر . ولنا ، أنه عوض معين تلف قبل قبضه ، فوجبت قيمته أو مثلها ، كما لو خالعها على قفيز ، فهلك قبل قبضه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية