الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قول الله تعالى وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه

                                                                                                                                                                                                        2608 حدثنا محمد بن الفضل أبو النعمان حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت ولا والله ما نسخت ولكنها مما تهاون الناس هما واليان وال يرث وذاك الذي يرزق ووال لا يرث فذاك الذي يقول بالمعروف يقول لا أملك لك أن أعطيك [ ص: 455 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 455 ] قوله : ( باب من تصدق إلى وكيله ثم رد الوكيل إليه ) هذه الترجمة وحديثها سقط من أكثر الأصول ولم يشرحه ابن بطال ، وثبت في رواية أبي ذر عن الكشميهني خاصة ، لكن في روايته " على وكيله " وثبتت الترجمة وبعض الحديث في رواية الحموي ، وقد نوزع البخاري من انتزاع هذه الترجمة من قصة أبي طلحة ، وأجيب بأن مراده أن أبا طلحة لما أطلق أنه تصدق وفوض إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تعيين المصرف وقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - " دعها في الأقربين " كان شبيها بما ترجم به ، ومقتضى ذلك الصحة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال إسماعيل أخبرني عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ) يعني الماجشون كذا ثبت في أصل أبي ذر ، ووقع في الأطراف لأبي مسعود وخلف جميعا أن إسماعيل المذكور هو ابن جعفر ، وبه جزم أبو نعيم في " المستخرج " وقال : رأيته في نسخة أبي عمرو يعني الجيزي " قال إسماعيل بن جعفر " ولم يوصله أبو نعيم ولا الإسماعيلي ، وزاد الطرقي في الأطراف أن البخاري أخرجه عن الحسن ابن شوكر عن إسماعيل بن جعفر وانفرد بذلك فإن الحسن بن شوكر لم يذكره أحد في شيوخ البخاري ، وهو ثقة ، وأبوه بالمعجمة وزن جعفر ، وجزم المزي بأن إسماعيل هو ابن أبي أويس ولم يذكر لذلك دليلا ، إلا أنه وقع في أصل الدمياطي بخطه في البخاري " حدثنا إسماعيل " فإن كان محفوظا تعين أنه ابن أبي أويس وإلا فالقول ما قال خلف ومن تبعه ، وعبد العزيز بن أبي سلمة وإن كان من أقران إسماعيل بن جعفر فلا يمتنع أن يروي إسماعيل عنه والله أعلم . وقد تقدمت الإشارة إلى شيء من هذا في " باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه " .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة لا أعلمه إلا عن أنس ) كذا وقع عند البخاري ، وذكره ابن عبد البر في " التمهيد " فقال : روى هذا الحديث عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك ، فذكره بطوله جازما ، والذي يظهر أن الذي قال : " لا أعلمه إلا عن أنس " هو البخاري .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لما نزلت : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون جاء أبو طلحة ) زاد ابن عبد البر " ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر " قال : " وكانت دار أبي جعفر والدار التي تليها إلى قصر بني حديلة حوائط لأبي طلحة ، قال وكان قصر بني حديلة حائطا لأبي طلحة يقال لها بيرحاء " فذكر الحديث ، ومراده بدار [ ص: 456 ] أبي جعفر التي صارت إليه بعد ذلك وعرفت به ، وهو أبو جعفر المنصور الخليفة المشهور العباسي ، وأما قصر بني حديلة وهو بالمهملة مصغر ، ووهم من قاله بالجيم فنسب إليهم القصر بسبب المجاورة ، وإلا فالذي بناه هو معاوية بن أبي سفيان ; وبنو حديلة بالمهملة مصغر بطن من الأنصار وهم بنو معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار وكانوا بتلك البقعة فعرفت بهم ، فلما اشترى معاوية حصة حسان بنى فيها هـذا القصر فعرف بقصر بني حديلة ذكر ذلك عمرو بن شبة وغيره في " أخبار المدينة " قالوا وبنى معاوية القصر المذكور ليكون له حصنا لما كانوا يتحدثون به بينهم مما يقع لبني أمية أي من قيام أهل المدينة عليهم ، قال أبو غسان المدني : وكان لذلك القصر بابان أحدهما شارع على خط بني حديلة والآخر في الزاوية الشرقية ، وكان الذي ولي بناءه لمعاوية الطفيل بن أبي بن كعب انتهى ، وأغرب الكرماني فزعم أن معاوية الذي بنى القصر المذكور هو معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار أحد أجداد أبي طلحة وغيره ، وما ذكرته عمن صنف في أخبار المدينة يرد عليه ، وهو أعلم بذلك من غيرهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وباع حسان حصته منه من معاوية ) هذا يدل على أن أبا طلحة ملكهم الحديقة المذكورة ولم يقفها عليهم ، إذ لو وقفها ما ساغ لحسان أن يبيعها ، فيعكر على من استدل بشيء من قصة أبي طلحة في مسائل الوقف إلا فيما لا تخالف فيه الصدقة الوقف ، ويحتمل أن يقال شرط أبو طلحة عليهم لما وقفها عليهم أن من احتاج إلى بيع حصته منهم جاز له بيعها ، وقد قال بجواز هذا الشرط بعض العلماء كعلي وغيره والله أعلم . ووقع في " أخبار المدينة لمحمد بن الحسن المخزومي " من طريق أبي بكر بن حزم أن ثمن حصة حسان مائة ألف درهم قبضها من معاوية بن أبي سفيان .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( باب قول الله عز وجل : وإذا حضر القسمة الآية ) وذكر فيه حديث ابن عباس قال : " إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت " الحديث ، وسيأتي الكلام عليه في التفسير ، وذكر من أراد ابن عباس بقوله : " إن ناسا يزعمون " وأن منهم عائشة - رضي الله عنها - ، وغير ذلك من الأقوال في دعوى كونها محكمة أو منسوخة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية