الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2902 [ ص: 314 ] 186 - باب: من قسم الغنيمة في غزوه وسفره

                                                                                                                                                                                                                              وقال رافع: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذي الحليفة، فأصبنا غنما وإبلا، فعدل كل عشرة من الغنم ببعير. [انظر: 2488]

                                                                                                                                                                                                                              3066 - حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا همام، عن قتادة، أن أنسا أخبره قال: اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين. [انظر: 1778 - مسلم: 1253 - فتح: 6 \ 181 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث قتادة، أن أنسا أخبره قال: اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين.

                                                                                                                                                                                                                              التعليق الأول سلف مسندا في الشركة، وأخرجه مسلم والأربعة أيضا.

                                                                                                                                                                                                                              قال الداودي : هذا إنما هو على قدر القيم ذلك الوقت، وهذا غير مستقيم على مذهب مالك في القسمة بالقرعة؛ لأن الإبل عنده لا تجمع مع الغنم، إلا أن يريد أنها قومت ثم قسمت بالتراضي. وقال المهلب : هذا إلى نظر الإمام واجتهاده يقسم حيث رأى الحاجة والأمن، ويؤخر إذا رأى في المسلمين غنى وخاف.

                                                                                                                                                                                                                              وممن أجاز قسمة الغنائم في دار الحرب مالك والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وقال الإمام أبو حنيفة : لا تقسم الغنائم في دار الحرب حتى تخرجها إلى دار الإسلام، وذلك لأن الملك لم يتم عليها إلا بالاستيلاء التام، ولا يحصل إلا بإحرازها في دار الإسلام.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 315 ] والصواب قول من أجاز ذلك للسنة الواردة فيه، روى ابن القاسم عن مالك قال: الشأن قسمة الغنيمة في دار الحرب؛ لأنهم أولى برخصها. وروى الفزاري قال: قلت للأوزاعي: هل قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا من الغنائم بالمدينة؟ قال: لا أعلمه، إنما كان الناس يتبعون غنائمهم ويقسمونها في أرض عدوهم، ولم يقفل رسول الله قط من غزاة أصاب فيها غنيمة إلا خمسها، وقسمها من قبل أن يقفل، من ذلك غنيمة بني المصطلق وخيبر وهوازن، ذكر ذلك ابن قدامة، قال:

                                                                                                                                                                                                                              ولأن الملك يثبت فيها بالقهر والاستيلاء فصحت قسمتها كما لو أحرزت بدار الإسلام، والدليل على ثبوت الملك فيها أمور:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها: أن سبب الملك الاستيلاء التام، وقد وجد.

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها: أن ملك الكفار زال عنها بدليل أنه لا ينفذ عتقهم في العبيد الذين حصلوا في الغنيمة ولا يصح تصرفهم (فيها).

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها: لو أسلم عبد الحربي ولحق بجيش المسلمين صار حرا، وهذا يدل على جواز زوال ملك الكفار وثبوت الملك لمن قهره.

                                                                                                                                                                                                                              وإنما عدل البعير بعشر شياه فليس بأمر لازم.

                                                                                                                                                                                                                              وفي قوله: (عدل) دليل على أن المعادلة والنظر فيها في كل بلد؛ لأن البعير في الحجاز له قيمة زائدة ولأكل لحمه عادة جارية، وليس كذلك في غيره من البلاد، وإنما هو إلى الاجتهاد في كل بلد.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: دليل على جواز بيع الحيوان بعضه ببعض، وإن كان للحم فقد صح بيع اللحم باللحم متفاضلا من غير جنسه أيضا.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية