الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5800 ) فصل : وإن قال لامرأتيه : أنتما طالقتان بألف إن شئتما . فقالتا : قد شئنا . وقع الطلاق بهما بائنا ، ولزمهما العوض بينهما على قدر مهريهما . وإن شاءت إحداهما دون الأخرى ، لم يطلق واحدة منهما ; لأنه جعل ما شئتما صفة في طلاق كل واحدة منهما . ويخالف هذا ما لو قال : أنتما طالقتان بألف . فقبلت إحداهما دون الأخرى ، لزمه الطلاق بعوضه ; لأنه لم يجعل في طلاقها شرطا ، وهاهنا علق طلاق كل واحدة منهما بمشيئتهما جميعا ، فيتعلق الحكم بقولهما : قد شئنا لفظا ; لأن ما في القلب لا سبيل إلى معرفته ، فلو قال الزوج : ما شئتما وإنما قلتما ذلك بألسنتكما . أو قالتا : ما شئنا بقلوبنا . لم يقبل .

                                                                                                                                            فإذا ثبت هذا ، فإن العوض يتقسط عليهما على قدر مهر كل واحدة منهما ، في الصحيح من الذهب . وهو قول ابن حامد ، ومذهب أهل الرأي . وأحد قولي الشافعي . وقال في الآخر : يلزم كل واحدة منهما مهر مثلها . وعلى قول أبي بكر من أصحابنا ، يكون ذلك عليهما نصفين . وأصل هذا في النكاح إذا تزوج اثنتين بصداق واحد . وقد ذكرناه في موضعه . فإن كانت إحداهما رشيدة ، والأخرى محجورا عليها لسفه ، فقالتا : قد شئنا . وقع الطلاق عليهما ، ووجب على الرشيدة قسطها من العوض ، ووقع طلاقها بائنا ، ولا شيء على المحجور عليها ، ويكون طلاقها رجعيا ; لأن لها مشيئة ، ولكن الحجر مع صحة تصرفها ونفوذه ، ولهذا يرجع إلى مشيئة المحجور عليه في النكاح ، وفيما تأكله .

                                                                                                                                            وكذلك إن كانت غير بالغة ، إلا أنها مميزة ، فإن لها مشيئة صحيحة ، ولهذا يخير الغلام بين أبويه إذا بلغ سبعا . وإن كانت إحداهما مجنونة أو صغيرة غير مميزة ، لم تصح المشيئة منهما ولم يقع الطلاق . وفي كل موضع حكمنا بوقوع الطلاق ، فإن الرشيدة يلزمها قسطها من العوض ، وهو قسط مهرها من العوض ، في أحد الوجهين ، وفي الآخر نصفه . وإن قالت له امرأتاه : طلقنا بألف [ ص: 269 ] بيننا نصفين . فطلقهما ، فعلى كل واحدة منهما نصفه ، وجها واحدا . وإن طلق إحداهما وحدها ، فعليها نصف الألف . وإن قالتا : طلقنا بألف . فطلقهما ، فالألف عليهما على قدر صداقيهما ، في أصح الوجهين . وإن طلق إحداهما ، فعليها حصتها منه . وإن كانت إحداهما غير رشيدة ، فطلقهما ، فعلى الرشيدة حصتها من الألف ، يقع طلاقها بائنا ، وتطلق الأخرى طلاقا رجعيا ، ولا شيء عليها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية