الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله : ( والمثلث ) وهذا هو الرابع وهو ما طبخ من ماء العنب حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه ، والقول بالحل في هذه الأربعة قول الإمام والثاني ، وقال محمد { : كل ما يسكر كثيره قليله حرام } لقوله صلى الله عليه وسلم { كل مسكر خمر وكل خمر حرام } رواه مسلم فعلى قولهم لا يحد شاربه وإذا سكر منه وطلق لا يقع طلاقه بمنزلة النائم وذاهب العقل بالبنج ولبن الرماك وعلى قول محمد لكثرة الفساد فيحد الشارب إذا سكر من هذه الأنبذة المذكورة والمتخذ من لبن الرماك لا يحل شربه وفي الهداية الأصح أنه يحد على قولهما إذا سكر في هذه الأنبذة المذكورة اعتبارا للخمر وفي المجتبى على قول محمد إذا شرب من هذه الأشربة ولم يسكر يعزر تعزيرا شديدا . ا هـ .

                                                                                        المثلث إذا صب عليه الماء وطبخ فحكمه حكم المثلث ; لأن صب الماء فيه لا يزيده إلا ضعفا بخلاف ما إذا صب الماء على العصير ثم طبخ حتى يذهب ثلثا الكل لأن الماء يذهب أولا للطافته أو يذهب منهما ولا يدرى أيهما ذهب أكثر فيحتمل الذاهب من العصير أقل من ثلثه ولو طبخ العنب قبل العصير اكتفي بأدنى طبخة في رواية عن الإمام وفي رواية لا يحل ما لم يذهب ثلثاه بالطبخ لأن العصير موجود فيه من غير تعمير فصار كما لو طبخ فيه بعد العصير ولو جمع بين العنب والتمر أو بين العنب والزبيب فطبخ لا يحل حتى يذهب ثلثاه ; لأن التمر والزبيب وإن كان يكتفى فيه بأدنى طبخة فعصير العنب لا بد أن يذهب ثلثاه فيعتبر جانب العنب احتياطا [ ص: 249 ] للحرمة وكذا إذا جمع بين عصير العنب ونقيع التمر لما قلنا ولو طبخ نقيع التمر أو نقيع الزبيب أدنى طبخة ثم نقع فيه تمرا أو زبيبا إن كان ما نقع فيه شيئا ما يسيرا لا يتخذ النبيذ من مثله فلا بأس به وإن كان يتخذ النبيذ من مثله لا يحل كما إذا صب في المطبوخ قدح من نقيع والمعنى تغليب جهة الحرمة ولا حد في شربه ; لأن التحريم للاحتياط والاحتياط في الحد في درئه .

                                                                                        ولو طبخ الخمر أو غيره بعد الاشتداد حتى ذهب ثلثاه لم يحل ; لأن الحرمة قد تقررت فلا ترتفع بالطبخ وفي الظهيرية الفضيخ الشراب المتخذ من التمر فإذا أفضخ التمر وقذف ثم ينقع في الماء حتى تخرج حلاوته ثم يترك حتى يشتد فإذا اشتد حرم وفي التهذيب عن الثاني والثالث : البسر المذنب إذا طبخ أدنى طبخة فإذا حلي يحل شربه بلا خلاف فإذا اشتد فحكمه كالمثلث وفي الجامع : السكران الذي يحد هو الذي لا يعقل مطلقا قليلا كان أو كثيرا ولا يعرف الرجل من المرأة ولا الأرض من السماء عند الإمام : وفي شربه الأصل إذا ذهب عقله وكان كلامه مخبطا يعتبر الغالب وإن كان النصف مستقيما والنصف غير مستقيم لا يقام عليه الحد وفي القدوري إذا غلب عليه الماء حتى زال طعمها وريحها فلا حد في شربها وفيه أيضا عن الثاني إذا بل في الخمر خبزا فأكل الخبز إذا كان الطعم يوجد حد وإن كان لا يرى أثرها في الخبز لا وإذا شرب الخمر لضرورة مخافة العطش فشرب مقدار ما يرويه فسكر فلا حد وإن ادعى الإكراه لم يصدق ; لأن الإكراه لا يتحقق إلا بالبينة ا هـ .

                                                                                        تصرفات السكران كلها نافذة إلا الردة والإقرار بالحدود الخالصة ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية