الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في الرجل يسلم على يدي الرجل

                                                                      2918 حدثنا يزيد بن خالد بن موهب الرملي وهشام بن عمار قالا حدثنا يحيى قال أبو داود وهو ابن حمزة عن عبد العزيز بن عمر قال سمعت عبد الله بن موهب يحدث عمر بن عبد العزيز عن قبيصة بن ذؤيب قال هشام عن تميم الداري أنه قال يا رسول الله وقال يزيد إن تميما قال يا رسول الله ما السنة في الرجل يسلم على يدي الرجل من المسلمين قال هو أولى الناس بمحياه ومماته [ ص: 104 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 104 ] ( ما السنة في الرجل ) : أي ما حكم الشرع في الرجل الكافر ( قال ) : أي النبي صلى الله عليه وسلم ( هو ) : أي الرجل المسلم الذي أسلم على يديه الكافر ( بمحياه ومماته ) : أي بمن [ ص: 105 ] أسلم في حياته ومماته . قال الخطابي : قد يحتج به من يرى توريث الرجل ممن يسلم على يده من الكفار وإليه ذهب أصحاب الرأي إلا أنهم قد زادوا في ذلك شرطا وهو أن يعاقده ويواليه فإن أسلم على يده ولم يعاقده ولم يواله فلا شيء له وقال إسحاق ابن راهويه كقول أصحاب الرأي إلا أنه لم يذكر الموالاة . قال الخطابي : ودلالة الحديث مبهمة وليس فيه أنه يرثه وإنما فيه أنه أولى الناس بمحياه ومماته ، فقد يحتمل أن يكون ذلك في الميراث وقد يحتمل أن يكون ذلك في رعي الذمام والإيثار والبر والصلة وما أشبهها من الأمور ، وقد عارضه قوله صلى الله عليه وسلم الولاء لمن أعتق وقال أكثر الفقهاء لا يرثه . وضعف أحمد بن حنبل حديث تميم الداري هذا وقال : عبد العزيز راويه ليس من أهل الحفظ والإتقان . انتهى . وقال الشيخ أبو البركات النسفي الحنفي : وعقد الموالاة مشروعة والوراثة بها ثابتة عند عامة الصحابة وهو قول الحنفية ، وتفسيره إذا أسلم رجل أو امرأة لا وارث له وليس بعربي ولا معتق فيقول الآخر واليتك على أن تعقلني إذا جنيت وترث مني إذا مت ، ويقول الآخر قبلت انعقد ذلك ويرث الأعلى من الأسفل . انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن موهب ويقال ابن وهب عن تميم الداري وقد أدخل بعضهم بين عبد الله بن موهب وبين تميم الداري قبيصة بن ذؤيب وهو عندي ليس بمتصل . هذا آخر كلامه .

                                                                      [ ص: 106 ] وقال الشافعي : هذا الحديث ليس بثابت إنما يرويه عبد العزيز بن عمر عن ابن موهب عن تميم الداري ، وابن موهب ليس بالمعروف عندنا ولا نعلمه لقي تميما ، ومثل هذا لا يثبت عندنا ولا عندك من قبل أنه مجهول ولا أعلمه متصلا . وقال الخطابي : ضعف أحمد بن حنبل حديث تميم الداري هذا وقال عبد العزيز راويه ليس من أهل الحفظ والإتقان . وقال البخاري في الصحيح : واختلفوا في صحة هذا الخبر . هذا آخر كلامه . وقال أبو مسهر : عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ضعيف الحديث ، وقد قلت احتج البخاري في صحيحه بحديث عبد العزيز هذا وأخرج له عن نافع مولى ابن عمر حديثا واحدا وذكر الحاكم أبو عبد الله النيسابوري وأبو الحسن الدارقطني أن البخاري ومسلما أخرجا له . وقال يحيى بن معين : عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ثقة ليس بين الناس فيه اختلاف . هكذا قال . وقد قدمنا الخلاف فيه انتهى كلام المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية