الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( إذا أحرم وشرط التحلل لغرض صحيح مثل أن يشترط أنه إذا مرض تحلل ، أو إذا ضاعت نفقته تحلل . ففيه طريقان ( أحدهما ) أنه على قولين ( أحدهما ) لا يثبت الشرط ، لأنه عبادة لا يجوز الخروج منها بغير عذر ، فلم يجز الخروج منها بالشرط كالصلاة المفروضة ( والثاني ) أنه يثبت الشرط ، لما روى ابن عباس { أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب قالت : يا رسول الله إني امرأة ثقيلة . وإني أريد الحج ، فكيف تأمرني أن أهل قال أهلي واشترطي [ ص: 317 ] أن محلي حيث حبستني } فدل على جواز الشرط ( ومنهم ) من قال : يصح الشرط قولا واحدا لأنه علق أحد القولين على صحة حديث ضباعة [ وقد صح حديث ضباعة ] فعلى هذا إذا شرط أنه إذا مرض تحلل لم يتحلل إلا بالهدي . وإن شرط أنه إذا مرض صار حلالا فمرض ، صار حلالا . ومن أصحابنا من قال : لا يتحلل إلا بالهدي ، لأن مطلق كلام الأمي يحمل على ما تقرر في الشرع ، والذي تقرر في الشرع أنه لا يتحلل إلا بالهدي ، فأما شرط أنه يخرج منه إذا شاء أو يجامع فيه إذا شاء ، فلا يجوز له ، لأنه خروج من غير عذر ، فلم يصح شرطه ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث ضباعة رواه البخاري ومسلم وتقدمت طرقه ، وبيان ما يتعلق به مع بيان الأحاديث والآثار الواردة في المسألة مع بيان الفصل جميعا وبسطناها واضحة في فصل إحصار الغريم والمريض ، ويحصل مما قررناه هناك ، أن قول المصنف لم يتحلل إلا بالهدي اختيار منه للضعيف من القولين ( الأصح ) أنه لا دم ، هذا إذا أطلق أنه يتحلل ، أما إذا قال : أتحلل بالهدي لزمه بلا خلاف وإن قال : أتحلل بلا هدي ، فلا يلزمه بلا خلاف كما سبق إيضاحه هناك .

                                      ( وقوله ) لأنه عبادة لا يجوز الخروج منها بغير عذر احتراز من صلاة التطوع وصومه ( وقوله ) كالصلاة المفروضة تصريح منه بما هو . مذهب الشافعي وجميع أصحابه أنه لا يجوز لمن دخل في صلاة مفروضة مؤداة في أول وقتها أو مقضية أو صوم واجب بقضاء أو نذر أو كفارة الخروج بلا عذر ، وإن كان الوقت واسعا وقد سبقت المسألة واضحة في باب التيمم ، وفي آخر باب مواقيت الصلاة وآخر كتاب الصيام . والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية