الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          طرف

                                                          طرف : الطرف : طرف العين . والطرف إطباق الجفن على الجفن . ابن سيده : طرف يطرف طرفا : لحظ ، وقيل : حرك شفره ونظر . والطرف : تحريك الجفون في النظر . يقال : شخص بصره فما يطرف . وطرف البصر نفسه يطرف وطرفه يطرفه وطرفه كلاهما إذا أصاب طرفه ، والاسم الطرفة . وعين طريف : مطروفة . التهذيب وغيره : الطرف اسم جامع للبصر ، لا يثنى ولا يجمع لأنه في الأصل مصدر فيكون واحدا ويكون جماعة . وقال تعالى : لا يرتد إليهم طرفهم . والطرف : إصابتك عينا بثوب أو غيره . يقال : طرفت عينه وأصابتها طرفة وطرفها الحزن بالبكاء . وقال الأصمعي : طرفت عينه فهي تطرف طرفا إذا حركت جفونها بالنظر . ويقال : هو بمكان لا تراه الطوارف يعني العيون . وطرف بصره يطرف طرفا إذا أطبق أحد جفنيه على الآخر ، الواحدة من ذلك طرفة . يقال : أسرع من طرفة عين . وفي حديث أم سلمة : قالت لعائشة رضي الله عنهما : حماديات النساء غض الأطراف ، أرادت بغض الأطراف قبض اليد والرجل عن الحركة والسير ، تعني تسكين الأطراف وهي الأعضاء ، وقال القتيبي : هي جمع طرف العين ، أرادت غض البصر . وقال الزمخشري : الطرف لا يثنى ولا يجمع لأنه مصدر ، ولو جمع لم يسمع في جمعه أطراف ، قال : ولا أكاد أشك في أنه تصحيف ، والصواب غض الإطراق أي يغضضن من أبصارهن مطرقات راميات بأبصارهن إلى الأرض . وجاء من المال بطارفة عين كما يقال : بعائرة عين . الجوهري : وقولهم : جاء فلان بطارفة عين أي جاء بمال كثير . والطرف بالكسر ، من الخيل : الكريم العتيق وقيل : هو الطويل القوائم والعنق المطرف الأذنين ، وقيل : هو الذي ليس من نتاجك والجمع أطراف وطروف ، والأنثى بالهاء . يقال : فرس طرف من خيل طروف ، قال أبو زيد : وهو نعت للذكور خاصة . وقال الكسائي : فرس طرفة ، بالهاء للأنثى ، وصارمة وهي الشديدة . وقال الليث : الطرف الفرس الكريم الأطراف يعني الآباء والأمهات . ويقال : هو المستطرف ليس من نتاج صاحبه ، والأنثى طرفة ، وأنشد :


                                                          وطرفة شدت دخالا مدمجا



                                                          والطرف والطرف : الخرق الكريم من الفتيان والرجال ، وجمعهما أطراف وأنشد ابن الأعرابي لابن أحمر :


                                                          عليهن أطراف من القوم لم يكن     طعامهم حبا بزغمة ، أسمرا



                                                          يعني العدس لأن لونه السمرة . وزغمة : موضع وهو مذكور في موضعه ، وقال الشاعر :

                                                          [ ص: 106 ]

                                                          أبيض من غسان في الأطراف



                                                          الأزهري : جعل أبو ذؤيب الطرف الكريم من الناس فقال :


                                                          وإن غلاما نيل في عهد كاهل     لطرف كنصل السمهري صريح



                                                          وأطرف الرجل : أعطاه ما لم يعطه أحدا قبله . وأطرفت فلانا شيئا أي أعطيته شيئا لم يملك مثله فأعجبه ، والاسم الطرفة ، قال بعض اللصوص بعد أن تاب :


                                                          قل للصوص بني اللخناء يحتسبوا     بر العراق وينسوا طرفة اليمن



                                                          وشيء طريف : طيب غريب يكون ، عن ابن الأعرابي قال : وقال خالد بن صفوان خير الكلام ما طرفت معانيه ، وشرفت مبانيه ، والتذه آذان سامعيه . وأطرف فلان إذا جاء بطرفة . واستطرف الشيء أي عده طريفا . واستطرفت الشيء : استحدثته . وقولهم : فعلت ذلك في مستطرف الأيام أي في مستأنف الأيام . واستطرف الشيء وتطرفه واطرفه : استفاده . والطريف والطارف من المال : المستحدث ، وهو خلاف التالد والتليد ، والاسم الطرفة ، وقد طرف ، بالضم ، وفي المحكم : والطرف والطريف والطارف المال المستفاد ، وقول الطرماح :


                                                          فدى لفوارس الحيين غوث     وزمان التلاد مع الطراف



                                                          يجوز أن يكون جمع طريف كظريف وظراف ، أو جمع طارف كصاحب وصحاب ، ويجوز أن يكون لغة في الطريف ، وهو أقيس لاقترانه بالتلاد ، والعرب تقول : ما له طارف ولا تالد ولا طريف ولا تليد ، فالطارف والطريف : ما استحدثت من المال واستطرفته ، والتلاد والتليد ما ورثته عن الآباء قديما . وقد طرف طرافة وأطرفه : أفاده ذلك ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          تئط وتأدوها الإفال مربة     بأوطانها من مطرفات الحمائل



                                                          مطرفات : أطرفوها غنيمة من غيرهم . ورجل طرف ومتطرف ومستطرف : لا يثبت على أمر . وامرأة مطروفة بالرجال إذا كانت لا خير فيها ، تطمح عينها إلى الرجال وتصرف بصرها عن بعلها إلى سواه . وفي حديث زياد في خطبته : إن الدنيا قد طرفت أعينكم أي طمحت بأبصاركم إليها وإلى زخرفها وزينتها . وامرأة مطروفة : تطرف الرجال أي لا تثبت على واحد ، وضع المفعول فيه موضع الفاعل ، قال الحطيئة :


                                                          وما كنت مثل الهالكي وعرسه     بغى الود من مطروفة العين طامح



                                                          وفي الصحاح : من مطروفة الود طامح ، قال أبو منصور : وهذا التفسير مخالف لأصل الكلمة . والمطروفة من النساء : التي قد طرفها حب الرجال أي أصاب طرفها ، فهي تطمح وتشرف لكل من أشرف لها ولا تغض طرفها ، كأنما أصاب طرفها طرفة أو عود ، ولذلك سميت مطروفة ، الجوهري : ورجل طرف لا يثبت على امرأة ولا صاحب ، وأنشد الأصمعي :


                                                          ومطروفة العينين خفاقة الحشى     منعمة كالريم طابت فطلت



                                                          وقال طرفة يذكر جارية مغنية :


                                                          إذا نحن قلنا : أسمعينا ، انبرت لنا     على رسلها مطروفة لم تشدد



                                                          قال ابن الأعرابي : المطروفة التي أصابتها طرفة ، فهي مطروفة ، فأراد كأن في عينيها قذى من استرخائها . وقال ابن الأعرابي : مطروفة منكسرة العين كأنها طرفت عن كل شيء تنظر إليه . وطرفت عينه إذا أصبتها بشيء فدمعت ، وقد طرفت عينه فهي مطروفة . والطرفة أيضا : نقطة حمراء من الدم تحدث في العين من ضربة وغيرها . وفي حديث فضيل : كان محمد بن عبد الرحمن أصلع فطرف له طرفة ، أصل الطرف : الضرب على طرف العين ، ثم نقل إلى الضرب على الرأس . ابن السكيت : يقال : طرفت فلانا أطرفه إذا صرفته عن شيء ، وطرفه عنه أي صرفه ورده ، وأنشد لعمر بن أبي ربيعة :


                                                          إنك ، والله ، لذو ملة     يطرفك الأدنى عن الأبعد



                                                          أي يصرفك ، الجوهري : يقول : يصرف بصرك عنه أي تستطرف الجديد وتنسى القديم ، قال ابن بري : وصواب إنشاده :


                                                          يطرفك الأدنى عن الأقدم



                                                          قال : وبعده :


                                                          قلت لها بل أنت معتلة     في الوصل ، يا هند ، لكي تصرمي



                                                          وفي حديث نظر الفجأة : وقال اطرف بصرك ، أي اصرفه عما وقع عليه وامتد إليه ، ويروى بالقاف ، وسيأتي ذكره . ورجل طرف وامرأة طرفة إذا كانا لا يثبتان على عهد ، وكل واحد منهما يحب أن يستطرف آخر غير صاحبه ويطرف غير ما في يده أي يستحدث . واطرفت الشيء أي اشتريته حديثا ، وهو افتعلت . وبعير مطرف : قد اشتري حديثا ، قال ذو الرمة :


                                                          كأنني من هوى خرقاء مطرف     دامي الأظل بعيد السأو مهيوم



                                                          أراد أنه من هواها كالبعير الذي اشتري حديثا فلا يزال يحن إلى ألافه . قال ابن بري : المطرف الذي اشتري من بلد آخر فهو ينزع إلى وطنه ، والسأو : الهمة ومهيوم : به هيام . ويقال : هائم القلب . وطرفه عنا شغل : حبسه وصرفه . ورجل مطروف : لا يثبت على واحدة كالمطروفة من النساء ، حكاه ابن الأعرابي :


                                                          وفي الحي مطروف يلاحظ ظله     خبوط لأيدي اللامسات ، ركوض



                                                          والطرف من الرجال : الرغيب العين الذي لا يرى شيئا إلا أحب أن يكون له . أبو عمرو : فلان مطروف العين بفلان إذا كان لا ينظر إلا [ ص: 107 ] إليه . واستطرفت الإبل المرتع : اختارته ، وقيل : استأنفته . وناقة طرفة ومطراف : لا تكاد ترعى حتى تستطرف . الأصمعي : المطراف التي لا ترعى مرعى حتى تستطرف غيره . الأصمعي : ناقة طرفة إذا كانت تطرف الرياض روضة بعد روضة ، وأنشد :


                                                          إذا طرفت في مرتع بكراتها     أو استأخرت عنها الثقال القناعس



                                                          ويروى : إذا أطرفت . والطرف : مصدر قولك طرفت الناقة ، بالكسر إذا تطرفت أي رعت أطراف المرعى ولم تختلط بالنوق . وناقة طرفة : لا تثبت على مرعى واحد . وسباع طوارف : سوالب . والطريف في النسب : الكثير الآباء إلى الجد الأكبر . ابن سيده : رجل طرف وطريف كثير الآباء إلى الجد الأكبر ليس بذي قعدد ، وفي الصحاح : نقيض القعدد ، وقيل : هو الكثير الآباء في الشرف ، والجمع طرف وطرف وطراف ، الأخيران شاذان ، وأنشد ابن الأعرابي في الكثير الآباء في الشرف للأعشى :


                                                          أمرون ولادون كل مبارك     طرفون لا يرثون سهم القعدد



                                                          وقد طرف ، بالضم طرافة . قال الجوهري : وقد يمدح به . والإطراف : كثرة الآباء . وقال اللحياني : هو أطرفهم أي أبعدهم من الجد الأكبر . قال ابن بري : والطرفي في النسب مأخوذ من الطرف ، وهو البعد ، والقعدى أقرب نسبا إلى الجد من الطرفى ، قال : وصحفه ابن ولاد فقال : الطرقى بالقاف . والطرف ، بالتحريك : الناحية من النواحي والطائفة من الشيء ، والجمع أطراف . وفي حديث عذاب القبر : كان لا يتطرف من البول ، أي لا يتباعد ، من الطرف : الناحية . وقوله عز وجل : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ، يعني الصلوات الخمس فأحد طرفي النهار صلاة الصبح والطرف الآخر فيه صلاتا العشي ، وهما الظهر والعصر ، وقوله : وزلفا من الليل ، يعني صلاة المغرب والعشاء . وقوله عز وجل : ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار ، أراد وسبح أطراف النهار ، قال الزجاج : أطراف النهار الظهر والعصر ، وقال ابن الكلبي : أطراف النهار ساعاته . وقال أبو العباس : أراد طرفيه فجمع . ويقال : طرف الرجل حول العسكر وحول القوم ، يقال : طرف فلان إذا قاتل حول العسكر لأنه يحمل على طرف منهم فيردهم إلى الجمهور . ابن سيده : وطرف حول القوم قاتل على أقصاهم وناحيتهم ، وبه سمي الرجل مطرفا . وتطرف عليهم : أغار ، وقيل : المطرف الذي يأتي أوائل الخيل فيردها على آخرها ، ويقال : هو الذي يقاتل أطراف الناس ، وقال ساعدة الهذلي :


                                                          مطرف وسط أولى الخيل معتكر     كالفحل قرقر وسط الهجمة القطم



                                                          وقال المفضل : التطريف أن يرد الرجل عن أخريات أصحابه . ويقال : طرف عنا هذا الفارس ، وقال متمم :


                                                          وقد علمت أولى المغيرة أننا     نطرف خلف الموقصات السوابقا



                                                          وقال شمر : أعرف طرفه إذا طرده . ابن سيده : وطرف كل شيء منتهاه ، والجمع كالجمع ، والطائفة منه طرف أيضا . وفي الحديث : أن النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، قال : عليكم بالتلبينة ، وكان إذا اشتكى أحدهم لم تنزل البرمة حتى يأتي على أحد طرفيه أي حتى يفيق من علته أو يموت ، وإنما جعل هذين طرفيه لأنهما منتهى أمر العليل في علته فهما طرفاه أي جانباه . وفي حديث أسماء بنت أبي بكر : قالت لابنها عبد الله : ما بي عجلة إلى الموت حتى آخذ على أحد طرفيك : إما أن تستخلف فتقر عيني ، وإما أن تقتل فأحتسبك . وتطرف الشيء : صار طرفا . وشاة مطرفة : بيضاء أطراف الأذنين وسائرها أسود ، أو سوداؤها وسائرها أبيض . وفرس مطرف : خالف لون رأسه وذنبه سائر لونه . وقال أبو عبيدة : من الخيل أبلق مطرف ، وهو الذي رأسه أبيض ، وكذلك إن كان ذنبه ورأسه أبيضين ، فهو أبلق مطرف ، . وقيل : تطريف الأذنين تأليلهما ، وهي دقة أطرافهما . الجوهري : المطرف من الخيل ، بفتح الراء ، هو الأبيض الرأس والذنب وسائره يخالف ذلك ، قال : وكذلك إذا كان أسود الرأس والذنب ، قال : ويقال للشاة إذا اسود طرف ذنبها وسائرها أبيض مطرفة . والطرف : الشواة ، والجمع أطراف . والأطراف : الأصابع ، وفي التهذيب : اسم الأصابع ، وكلاهما من ذلك ، قال : ولا تفرد الأطراف إلا بالإضافة كقولك أشارت بطرف إصبعها ، وأنشد الفراء :


                                                          يبدين أطرافا لطافا عنمه



                                                          قال الأزهري : جعل الأطراف بمعنى الطرف الواحد ولذلك قال عنمه . ويقال : طرفت الجارية بنانها إذا خضبت أطراف أصابعها بالحناء ، وهي مطرفة ، وفي الحديث : أن إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، جعل في سرب وهو طفل وجعل رزقه في أطرافه أي كان يمص أصابعه فيجد فيها ما يغذيه . وأطراف العذارى : عنب أسود طوال كأنه البلوط يشبه بأصابع العذارى المخضبة لطوله ، وعنقوده نحو الذراع ، وقيل : هو ضرب من عنب الطائف أبيض طوال دقاق . وطرف الشيء وتطرفه : اختاره ، قال سويد بن كراع العكلي :


                                                          أطرف أبكارا كأن وجوهها     وجوه عذارى ، حسرت أن تقنعا



                                                          وطرف القوم : رئيسهم ، والجمع كالجمع . وقوله عز وجل : أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ، قال : معناه موت علمائها وقيل : موت أهلها ونقص ثمارها ، وقيل : معناه أو لم يروا أنا فتحنا على المسلمين من الأرض ما قد تبين لهم ، كما قال : أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون ، الأزهري : أطراف الأرض نواحيها ، الواحد طرف وننقصها من أطرافها أي من نواحيها ناحية ناحية ، وعلى هذا من فسر نقصها من أطرافها فتوح الأرضين ، وأما من جعل نقصها من أطرافها موت علمائها ، فهو من غير هذا ، قال : والتفسير على القول الأول . وأطراف الرجال : أشرافهم ، وإلى هذا ذهب بالتفسير الآخر ، قال ابن أحمر :

                                                          [ ص: 108 ]

                                                          عليهن أطراف من القوم لم يكن     طعامهم حبا بزغبة أغبرا



                                                          وقال الفرزدق :


                                                          واسأل بنا وبكم ، إذا وردت منى     أطراف كل قبيلة من يمنع



                                                          يريد أشراف كل قبيلة . قال الأزهري : الأطراف بمعنى الأشراف جمع الطرف أيضا ، ومنه قول الأعشى :


                                                          هم الطرف البادو العدو ، وأنتم     بقصوى ثلاث تأكلون الرقائصا



                                                          قال ابن الأعرابي : الطرف في هذا البيت بيت الأعشى جمع طريف ، وهو المنحدر في النسب ، قال : وهو عندهم أشرف من القعدد . وقال الأصمعي : يقال : فلان طريف النسب والطرافة فيه بينة وذلك إذا كان كثير الآباء إلى الجد الأكبر ، وفي الحديث : فمال طرف من المشركين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أي قطعة منهم وجانب ، ومنه قوله تعالى : ليقطع طرفا من الذين كفروا . وكل مختار طرف ، والجمع أطراف ، قال :


                                                          ولما قضينا من منى كل حاجة     ومسح بالأركان من هو ماسح
                                                          أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا     وسالت بأعناق المطي الأباطح



                                                          قال ابن سيده : عنى بأطراف الأحاديث مختارها ، وهو ما يتعاطاه المحبون ويتفاوضه ذوو الصبابة المتيمون من التعريض والتلويح والإيماء دون التصريح ، وذلك أحلى وأخف وأغزل وأنسب من أن يكون مشافهة وكشفا ومصارحة وجهرا . وطرائف الحديث : مختاره أيضا كأطرافه ، قال :


                                                          أذكر من جارتي ومجلسها     طرائفا من حديثها الحسن
                                                          ومن حديث يزيدني مقة     ما لحديث الموموق من ثمن



                                                          أراد يزيدني مقة لها . والطرف : اللحم . والطرف : الطائفة من الناس . تقول : أصبت طرفا من الشيء ومنه قوله تعالى : ليقطع طرفا من الذين كفروا أي طائفة . وأطراف الرجل : أخواله وأعمامه وكل قريب له محرم . والعرب تقول : لا يدرى أي طرفيه أطول ، ومعناه لا يدرى أي والديه أشرف ، قال : هكذا قاله الفراء . ويقال : لا يدرى أنسب أبيه أفضل أم نسب أمه . وقال أبو الهيثم : يقال للرجل : ما يدري فلان أي طرفيه أطول أي أي نصفيه أطول ، الطرف الأسفل من الطرف الأعلى ، فالنصف الأسفل طرف ، والأعلى طرف ، والخصر ما بين منقطع الضلوع إلى أطراف الوركين ، وذلك نصف البدن ، والسوءة بينهما ، كأنه جاهل لا يدري أي طرفي نفسه أطول . ابن سيده : ما يدري أي طرفيه أطول يعني بذلك نسبه من قبل أبيه وأمه ، وقيل : طرفاه لسانه وفرجه ، وقيل : استه وفمه لا يدري أيهما أعف ، ويقويه قول الراجز :


                                                          لو لم يهوذل طرفاه لنجم     في صدره ، مثل قفا الكبش الأجم



                                                          يقول : لولا أنه سلح وقاء لقام في صدره من الطعام الذي أكل ما هو أغلظ وأضخم من قفا الكبش الأجم . وفي حديث طاووس : أن رجلا واقع الشراب الشديد فسقي فضري فلقد رأيته في النطع وما أدري ، أي طرفيه أسرع ، أراد حلقه ودبره أي أصابه القيء والإسهال ، فلم أدر أيهما أسرع خروجا من كثرته . وفي حديث قبيصة بن جابر : ما رأيت أقطع طرفا من عمرو بن العاص ، يريد أمضى لسانا منه . وطرفا الإنسان : لسانه وذكره ، ومنه قولهم : لا يدرى أي طرفيه أطول . وفلان كريم الطرفين إذا كان كريم الأبوين ، يراد به نسب أبيه ونسب أمه ، وأنشد أبو زيد لعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود :


                                                          فكيف بأطرافي ، إذا ما شتمتني     وما بعد شتم الوالدين صلوح



                                                          جمعهما أطرافا لأنه أراد أبويه ومن اتصل بهما من ذويهما ، وقال أبو زيد في قوله بأطرافي قال : أطرافه أبواه وإخوته وأعمامه وكل قريب له محرم ، الأزهري : ويقال في غير هذا فلان فاسد الطرفين إذا كان خبيث اللسان والفرج ، وقد يكون طرفا الدابة مقدمها ومؤخرها ، قال حميد بن ثور يصف ذئبا وسرعته :


                                                          ترى طرفيه يعسلان كلاهما     كما اهتز عود الساسم المتتايع



                                                          أبو عبيد : ويقال فلان لا يملك طرفيه ، يعنون استه وفمه ، إذا شرب دواء أو خمرا فقاء وسكر وسلح . والأسود ذو الطرفين : حية له إبرتان إحداهما في أنفه والأخرى في ذنبه ، يقال : إنه يضرب بهما فلا يطني الأرض . ابن سيده : والطرفان في المديد حذف ألف فاعلاتن ونونها ، هذا قول الخليل وإنما حكمه أن يقول : التطريف حذف ألف فاعلاتن ونونها ، أو يقول : الطرفان الألف والنون المحذوفتان من فاعلاتن . وتطرفت الشمس : دنت للغروب ، قال :


                                                          دنا وقرن الشمس قد تطرفا



                                                          والطراف : بيت من أدم ليس له كفاء وهو من بيوت الأعراب ، ومنه الحديث : كان عمرو لمعاوية كالطراف الممدود . والطوارف من الخباء : ما رفعت من نواحيه لتنظر إلى خارج ، وقيل : هي حلق مركبة في الرفوف ، وفيها حبال تشد بها إلى الأوتاد . والمطرف والمطرف : واحد المطارف وهي أردية من خز مربعة لها أعلام ، وقيل : ثوب مربع من خز له أعلام . الفراء : المطرف من الثياب ما جعل في طرفيه علمان ، والأصل مطرف ، بالضم ، فكسروا الميم ليكون أخف كما قالوا : مغزل وأصله مغزل من أغزل أي أدير ، وكذلك المصحف والمجسد ، وقال الفراء : أصله الضم لأنه في المعنى مأخوذ من أطرف أي جعل في طرفه العلمان ، ولكنهم استثقلوا الضمة فكسروه . وفي الحديث : رأيت على أبي هريرة - رضي الله عنه - ، مطرف خز هو بكسر الميم وفتحها وضمها الثوب الذي في طرفيه علمان ، والميم زائدة . الأزهري : سمعت أعرابيا يقول : لآخر قدم من [ ص: 109 ] سفر : هل وراءك طريفة خبر تطرفناه ؟ يعني خبرا جديدا ، ومغربة خبر مثله . والطرفة : كل شيء استحدثته فأعجبك وهو الطريف وما كان طريفا ، ولقد طرف يطرف . والطريفة : ضرب من الكلإ ، وقيل : هو النصي إذا يبس وابيض ، وقيل : الطريفة الصليان وجميع أنواعهما إذا اعتما وتما ، وقيل : الطريفة من النبات أول شيء يستطرفه المال فيرعاه ، كائنا ما كان ، وسميت طريفة لأن المال يطرفه إذا لم يجد بقلا . وقيل : سميت بذلك لكرمها وطرافتها واستطراف المال إياها . وأطرفت الأرض : كثرت طريفتها . وأرض مطروفة : كثيرة الطريفة . وإبل طرفة : تحاتت مقادم أفواهها في الكبر ، ورجل طريف بين الطرافة : ماض هش . والطرف : اسم يجمع الطرفاء وقلما يستعمل في الكلام إلا في الشعر ، والواحدة طرفة ، وقياسه قصبة وقصب وقصباء وشجرة وشجر وشجراء . ابن سيده : والطرفة شجرة وهي الطرف ، والطرفاء جماعة الطرفة شجر ، وبها سمي طرفة بن العبد ، وقال سيبويه : الطرفاء واحد وجمع ، والطرفاء اسم للجمع ، وقيل : واحدتها طرفاءة . وقال ابن جني : من قال : طرفاء فالهمزة عنده للتأنيث ، ومن قال : طرفاءة فالتاء عنده للتأنيث ، وأما الهمزة على قوله : فزائدة لغير التأنيث ، قال : وأقوى القولين فيها : أن تكون همزة مرتجلة غير منقلبة ، لأنها إذا كانت منقلبة في هذا المثال فإنها تنقلب عن ألف التأنيث لا غير نحو صحراء وصلفاء وخبراء والخرشاء ، وقد يجوز أن تكون عن حرف علة لغير الإلحاق فتكون في الألف لا في الإلحاق كألف علباء وحرباء ، قال : وهذا مما يؤكد عندك حال الهاء ، ألا ترى أنها إذا ألحقت اعتقدت فيما قبلها حكما ما فإذا لم تلحق جاز الحكم إلى غيره ؟ والطرفاء أيضا : منبتها ، وقال أبو حنيفة : الطرفاء من العضاه وهدبه مثل هدب الأثل ، وليس له خشب وإنما يخرج عصيا سمحة في السماء ، وقد تتحمض بها الإبل إذا لم تجد حمضا غيره ، قال : وقال أبو عمرو : الطرفاء من الحمض ، قال : وبها سمي الرجل طرفة . والطرف من منازل القمر : كوكبان يقدمان الجبهة وهما عينا الأسد ينزلهما القمر . وبنو طرف : قوم من اليمن . وطارف وطريف وطريف وطرفة ومطرف : أسماء . وطريف : موضع ، وكذلك الطريفات ، قال :


                                                          رعت سميراء إلى إرمامها     إلى الطريفات إلى أهضامها



                                                          وكان يقال لبني عدي بن حاتم : الطرفات قتلوا بصفين ، أسماؤهم : طريف وطرفة ومطرف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية