الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
الوجه السادس عشر: قوله: فلا جرم صار [ ص: 560 ] قول الكرامية على خلاف بدهية العقل، يقال: هذا العقل الذي هذا على خلاف بديهته إما أن يكون حكمه وشهادته في الربوبية مقبولا أو مردودا، فإن لم يكن مقبولا لم يضر هؤلاء ولا غيرهم مخالفته، فإنه بمنزلة الشاهد الفاسق الذي قال الله تعالى فيه: إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا [الحجرات 6]، وإن كان حكمه وشهادته مقبولا كان هذا المنازع وموافقوه أعظم مخالفة له من هؤلاء كما قد تقدم بيان ذلك، وإذا كان مخالفة قولهم لبديهة العقل أعظم من قول هؤلاء لم يجب على هؤلاء أن يرجعوا عن القول الذي هو أقل مخالفة لبديهة العقل بل يكون الواجب على هذا التقدير على الطائفتين الاعتراف بما في بديهة العقل، فيعترفون جميعا بأنه فوق [ ص: 561 ] العالم، ويمتنع أن يكون لا داخله ولا خارجه، وحينئذ يكون مشارا إليه بحسب الحس وحينئذ يكون فيه ما سماه تأليفا وانقساما، وإن لم يكن هو المعروف من التأليف والانقسام، فإن المعروف من ذلك يجب تنزيه الله تعالى عنه كما نزه عنه نفسه في سورة الإخلاص، كما تقدم التنبيه عليه بقوله تعالى: الله الصمد فإن الصمد فيه من معنى الاجتماع والقوة والسؤدد ما ينافي الانقسام والافتراق .

التالي السابق


الخدمات العلمية