الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب الصلاة في النعلين والخفين

                                                                                                                                            608 - ( عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد قال : { سألت أنسا : أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه ؟ قال : نعم } . متفق عليه ) .

                                                                                                                                            609 - ( وعن شداد بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم } . رواه أبو داود ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث الأول أخرجه البخاري عن آدم عن شعبة وعن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن بشر بن المغفل وعن الربيع الزهراني عن عباد بن العوام .

                                                                                                                                            وأخرجه النسائي عن عمرو بن علي عن يزيد بن زريع ، وغسان بن مضر عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد . والحديث الثاني أخرجه ابن حبان أيضا في صحيحه ولا مطعن في إسناده .

                                                                                                                                            وفي الباب أحاديث أربعة أخر عن أنس : الأول عند الطبراني والبيهقي . قال البيهقي : لا بأس بإسناده .

                                                                                                                                            والثاني عند البزار بنحو حديث شداد بن أوس .

                                                                                                                                            والثالث عند ابن مردويه بلفظ { صلوا في نعالكم } وفي إسناده عباد بن جويرية كذبه أحمد والبخاري .

                                                                                                                                            والرابع عند ابن مردويه وفي إسناده عيسى بن عبد الله العسقلاني وهو ضعيف يسرق الحديث .

                                                                                                                                            وفي الباب عن عبد الله بن مسعود عند ابن ماجه ، وله حديث آخر عند الطبراني في إسناده علي بن عاصم فيه ، وله حديث ثالث عند البزار والطبراني والبيهقي ، وفي إسناده أبو حمزة الأعور وهو غير محتج به .

                                                                                                                                            وعن عبد الله بن أبي حبيبة عند أحمد والبزار والطبراني وعن عبد الله بن عمر عند أبي داود وابن ماجه . وعن عمرو بن حريث عند الترمذي في الشمائل والنسائي . وعن أوس الثقفي عند ابن ماجه وعن أبي هريرة عند [ ص: 152 ] أبي داود وله حديث آخر عند أحمد والبيهقي وله حديث ثالث عند البزار والطبراني وفيه عباد بن كثير وهو لين الحديث . وقيل : متروك ، وقيل : لا يحتج بحديثه ، وله حديث رابع رواه ابن مردويه وفيه صالح مولى التوأمة وهو ضعيف . وعن عطاء الشيبي عند ابن منده في معرفة الصحابة ، والطبراني وابن قانع وعن البراء عند أبي الشيخ ، وفي إسناده سوار بن مصعب وهو ضعيف . وعن عبد الله بن الشخير عند مسلم ، وله حديث آخر عند الطبراني . وعن ابن عباس عند البزار والطبراني وابن عدي وفي إسناده النضر بن عمرو وهو ضعيف جدا ، وله حديث آخر عند الطبراني . وعن عبد الله بن عمر عند الطبراني . وعن علي بن أبي طالب عند ابن عدي في الكامل من رواية الحسين بن ضميرة عن أبيه عن جده وهو ضعيف جدا ، وله حديث آخر عند أبي يعلى وابن عدي وقال : هذا ليس له أصل وهو مما وضعه محمد بن الحجاج اللخمي ، وعن فيروز الديلمي عند الطبراني وإسناده جيد . وعن مجمع بن جارية عند أحمد وفي إسناده يزيد بن عياض وهو ضعيف ، وعن الهرماس بن زياد عند ابن حبان في الثقات والطبراني في معجميه الكبير والأوسط . وعن أبي بكرة عند البزار وأبي يعلى وابن عدي وفي إسناده بحر بن مرار اختلط وتغير وقد وثقه ابن معين . وعن أبي ذر عند أبي الشيخ والبيهقي . وعن أبي سعيد عند أبي داود وعن عائشة عند الطبراني بإسناد صحيح ، وعن أعرابي من الصحابة لم يسم عند ابن أبي شيبة في مصنفه وأحمد في مسنده والحديثان يدلان على مشروعية الصلاة في النعال ، وقد اختلف نظر الصحابة والتابعين في ذلك هل هو مستحب أو مباح أو مكروه فروي عن عمر بإسناد ضعيف أنه كان يكره خلع النعال ويشتد على الناس في ذلك وكذا عن ابن مسعود . وكان أبو عمرو الشيباني يضرب الناس إذا خلعوا نعالهم .

                                                                                                                                            وروي عن إبراهيم أنه كان يكره خلع النعال وهذا يشعر بأنه مستحب عند هؤلاء .

                                                                                                                                            قال العراقي في شرح الترمذي : وممن كان يفعل ذلك يعني لبس النعل في الصلاة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وعويمر بن ساعدة وأنس بن مالك وسلمة بن الأكوع وأوس الثقفي . ومن التابعين سعيد بن المسيب والقاسم وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله وعطاء بن يسار وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وطاوس وشريح القاضي وأبو مجلز وأبو عمرو الشيباني والأسود بن يزيد وإبراهيم النخعي وإبراهيم التيمي وعلي بن الحسين وابنه أبو جعفر وممن كان لا يصلي فيهما عبد الله بن عمر وأبو موسى الأشعري ، وممن ذهب إلى الاستحباب الهادوية وإن أنكر ذلك عوامهم .

                                                                                                                                            قال الإمام المهدي في البحر : مسألة ويستحب في النعل الطاهر لقوله صلى الله عليه وسلم { صلوا في نعالكم } الخبر . وقال ابن دقيق العيد في شرح الحديث الأول من حديثي الباب : إنه لا ينبغي أن يؤخذ منه الاستحباب لأن [ ص: 153 ] ذلك لا مدخل له في الصلاة ثم أطال البحث وأطاب إلا أن الحديث الثاني من حديثي الباب أقل أحواله الدلالة على الاستحباب ، وكذلك سائر الأحاديث التي ذكرنا . وقد أخرج أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما } .

                                                                                                                                            ويمكن الاستدلال لعدم الاستحباب بما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحدا ليجعلهما بين رجليه أو ليصل فيهما } وهو كما قال العراقي : صحيح الإسناد وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حافيا ومنتعلا } أخرجه أبو داود وابن ماجه .

                                                                                                                                            وروى ابن أبي شيبة بإسناده إلى أبي عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال : { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نعليه فصلى الناس في نعالهم فخلع نعليه فخلعوا فلما صلى قال : من شاء أن يصلي في نعليه فليصل ومن شاء أن يخلع فليخلع } قال العراقي : وهذا مرسل صحيح الإسناد ويجمع بين أحاديث الباب بجعل حديث أبي هريرة وما بعده صارفا للأوامر المذكورة المعللة بالمخالفة لأهل الكتاب من الوجوب إلى الندب لأن التخيير والتفويض إلى المشيئة بعد تلك الأوامر لا ينافي الاستحباب كما في حديث { بين كل أذانين صلاة لمن شاء } وهذا أعدل المذاهب وأقواها عندي .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية