الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 253 ] باب الهدنة

                                                                                                          لا تصح إلا من إمام أو نائبه . وفي الترغيب : لآحاد الولاة عقده مع أهل قرية ، ولا يصح إلا حيث جاز تأخير الجهاد مدة معلومة لازمة ، قال شيخنا : وجائزة ، وعنه عشر سنين ، وإن زاد فكتفريق الصفقة . وبمال منا لضرورة .

                                                                                                          وفي الفنون : لضعفنا مع المصلحة . وقاله أبو يعلى الصغير : لحاجة ، وكذا قاله أبو يعلى في الخلاف في المؤلفة ، واحتج بعزمه عليه السلام على بذل شطر نخل المدينة . وفي الإرشاد وعيون المسائل والمبهج والمحرر : يجوز مع المنع أربعة أشهر لقوله : { فسيحوا في الأرض أربعة أشهر } وقيل : دون عام .

                                                                                                          وإن قال هادنتكم ما شئنا أو شاء فلان لم يصح ، في الأصح ، كقوله : نقركم ما أقركم الله ، واختار شيخنا صحته أيضا ، وأن معناه ما شئنا ، وصحتها مطلقة ، لكن جائزة ويعمل بالمصلحة ، لأن الله تعالى أمر بنبذ العهود المطلقة وإتمام الموقتة ( هـ ) إلا بسبب ، وكذا قاله القاضي وغيره في الموقتة ، وقال : كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبينهم عهد لا يصد أحد عن البيت ، ولا يخاف في الشهر الحرام ، فجعله الله أربعة أشهر ، لأن الأمان للحجاج لم يكن بعهد ، ولأن البراءة خاصة بالمعاهد ، والمنع عن البيت عام . والقتل في الشهر الحرام حرم في البقرة ، وفي نسخه نزاع ، فإن قيل نسخ [ ص: 254 ] فليس في آية البراءة ما يدل على نسخه ، وتحريمه كان عاما ، ولا عهد قبل الحديبية ، ولأنه استثنى ممن تبرأ إليهم من عاهده عند المسجد ، ويحرم قتالهم في شهر حرام وغيره ، فكيف يكون ما أباحه هو القتال فيه ، وأخذ صاحب الهدي من قوله عليه السلام { نقركم ما أقركم الله } جواز إجلاء أهل الذمة من دار الإسلام إذا استغني عنهم ، وأجلاهم عمر بعد موته ، وإن هذا مذهب ابن جرير الطبري ، وإنه قول قوي يسوغ العمل به للمصلحة ، قال : ولا يقال لم يكن أهل خيبر أهل ذمة ، بل أهل هدنة ، لأنهم كانوا أهل ذمة ، لكن لو لم يكن فرض الجزية نزل ، وقال في الكلام على قصة هوازن : فيها دليل على أن المتعاقدين إذا جعلا بينهما أجلا غير محدود جاز ، وهو رواية في الخيار ، لأنه لا محذور .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية