الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      المازري

                                                                                      الشيخ الإمام العلامة البحر المتفنن أبو عبد الله ، محمد بن علي بن [ ص: 105 ] عمر بن محمد التميمي المازري المالكي .

                                                                                      مصنف كتاب " المعلم بفوائد شرح مسلم " ومصنف كتاب " إيضاح المحصول " في الأصول ، وله تواليف في الأدب ، وكان أحد الأذكياء ، الموصوفين والأئمة المتبحرين ، وله شرح كتاب " التلقين " لعبد الوهاب المالكي في عشرة أسفار ، هو من أنفس الكتب .

                                                                                      وكان بصيرا بعلم الحديث .

                                                                                      حدث عنه : القاضي عياض ، وأبو جعفر بن يحيى القرطبي الوزغي .

                                                                                      مولده بمدينة المهدية من إفريقية ، وبها مات في ربيع الأول سنة ست وثلاثين وخمس مائة وله ثلاث وثمانون سنة .

                                                                                      ومازر : بليدة من جزيرة صقلية بفتح الزاي -وقد تكسر-قيده ابن خلكان .

                                                                                      قيل : إنه مرض مرضة ، فلم يجد من يعالجه إلا يهوديا ، فلما عوفي على يده ، قال : لولا التزامي بحفظ صناعتي لأعدمتك المسلمين . فأثر هذا [ ص: 106 ] عند المازري ، فأقبل على تعلم الطب حتى فاق فيه ، وكان ممن يفتي فيه كما يفتي في الفقه .

                                                                                      وقال القاضي عياض في " المدارك " المازري يعرف بالإمام . نزيل المهدية قيل : إنه رأى رؤيا ، فقال : يا رسول الله ، أحق ما يدعونني به ؟ إنهم يدعونني بالإمام . فقال : وسع صدرك للفتيا .

                                                                                      ثم قال : هو آخر المتكلمين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه ، ورتبة الاجتهاد ، ودقة النظر ، أخذ عن اللخمي وأبي محمد عبد الحميد السوسي وغيرهما بإفريقية ، ودرس أصول الفقه والدين ، وتقدم في ذلك ، فجاء سابقا ، لم يكن في عصره للمالكية في أقطار الأرض أفقه منه ولا أقوم بمذهبهم . سمع الحديث ، وطالع معانيه ، واطلع على علوم كثيرة من الطب والحساب والآداب وغير ذلك ، فكان أحد رجال الكمال ، وإليه كان يفزع في الفتيا في الفقه ، وكان حسن الخلق ، مليح المجالسة ، كثير الحكاية والإنشاد ، وكان قلمه أبلغ من لسانه ، ألف في الفقه والأصول ، وشرح كتاب مسلم ، وكتاب " التلقين " ، وشرح " البرهان " لأبي المعالي الجويني .

                                                                                      [ ص: 107 ] وثم مازري آخر متأخر سكن الإسكندرية ، وشرح " الإرشاد " المسمى ب " المهاد " .

                                                                                      ولصاحب الترجمة تأليف في الرد على " الإحياء " وتبيين ما فيه من الواهي والتفلسف ، أنصف فيه -رحمه الله .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية