الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في العاملين على جمع الزكاة ومن لا يستعمل عليها]

                                                                                                                                                                                        قال الله -عز وجل- : والعاملين عليها [التوبة : 60] ، وهم الذين يستعملون على جمع الزكاة ، فيعطى أجرته بقدر سعيه ، وتعبه ، وما تكلف من القرب والبعد . [ ص: 971 ]

                                                                                                                                                                                        ويجوز أن يستعمل عليها غني ؛ لأنه يأخذ ذلك بوجه الأجرة ، ولا يستعمل عليها أحد من آل النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                        واختلف في العبد والنصراني ، فقال محمد : لا يستعملان عليها ؛ لأنهما لا حق لهما في الزكاة ، فإن استعملا وفات ؛ انتزع منهما ما أخذا وأعطيا من الفيء .

                                                                                                                                                                                        وأجاز ذلك أحمد بن نصر ، وقاسهما على الغني . قال : وقول محمد استحسان . وأجاز محمد بن عبد الحكم أن يعطى منها للجاسوس ، وإن كان نصرانيا . ويجوز على هذا أن يستعمل عليها العبد والنصراني ، ويعطيا الأجرة منها .

                                                                                                                                                                                        والأصل في جواز استعمال الغني قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : لغاز في سبيل الله ، أو لعامل عليها ، أو لغارم ، أو لرجل اشتراها بماله ، أو رجل له جار مسكين " الحديث .

                                                                                                                                                                                        وفي منع من كان من آل النبي - صلى الله عليه وسلم - قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عبد المطلب ابن الحارث ، وللفضل بن عباس وقد سألاه أن يستعملهما على الزكاة فقال : "إن الصدقة لا تحل لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس" أخرجه مسلم . [ ص: 972 ]

                                                                                                                                                                                        ولا أرى أن يمنع استعمال العبد والنصراني عليها ، وأن يأخذا العوض منها ؛ لأن كل واحد منهما بائع لمنافعه ، فيأخذ العوض منها قياسا على الغني .

                                                                                                                                                                                        وأما منع - صلى الله عليه وسلم - آله من الاستعمال عليها ، فإن ذلك تنزيه وإعظام لحرمته ؛ لأن أخذها على وجه الاستعمال عليها لا يخرجها عن أوساخ الناس ، والإذلال في الخدمة لها وفي سببها .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية