الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              749 (39) ومن سورة النصر

                                                                                              [ 2933 ] عن عبد الله بن عتبة ، قال : قال لي ابن عباس : تعلم آخر سورة من القرآن نزلت جميعا ؟ قلت : نعم : إذا جاء نصر الله والفتح [النصر : 1 ] قال : صدقت .

                                                                                              وفي رواية : تعلم أي سورة ، ولم يقل : آخر .

                                                                                              [ 2934 ] وعن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول : سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه . فقلت : يا رسول الله ، أراك تكثر من قول : سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه ، فقال : خبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي ، فإذا رأيتها أكثرت من قول : سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه ، فقد رأيتها ، إذا جاء نصر الله والفتح فتح مكة ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا إلى آخرها [ النصر : 1 - 3 ] .

                                                                                              رواه مسلم (3024) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (39) ومن سورة النصر

                                                                                              نصر الله : عونه على إظهار نبيه صلى الله عليه وسلم على قريش وغيرهم . والفتح : فتح مكة ، كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة - رضي الله عنها - ولا يلتفت لما قيل في ذلك مما يخالفه . والأفواج : الزمر . يعني زمرة بعد زمرة ، وهذا كان بعد فتح مكة ، فإن أهل مكة كانوا عظماء العرب وقادتهم ، ومكة بيت الله تعالى ، فتوقفت العرب في إسلامها على أهل مكة ينظرون ما يفعلون ، فلما فتح الله تعالى مكة على نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأسلم أهلها أصفقت العرب على الدخول في الإسلام ، وهجرت الأوثان ، وعطلت الأزلام ، وحصل التمام ، وكمل الإنعام ، فوجب الشكر لهذا المنعم الكريم ، واستغفار هذا المولى الرحيم ، لا سيما وقد أفصح خطابا : فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا [ النصر : 3 ] أي : قل يا محمد : سبحان الله وبحمده ، و : أستغفر الله وأتوب إليه . فكان صلى الله عليه وسلم يكثر من قول ذلك شكرا [ ص: 437 ] لله تعالى ، وامتثالا لما أمر به هنالك . وقد تقدم : أن عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهم - فهما من هذه السورة أن الله تعالى نعى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نفسه ، وكذلك فهمه أبو بكر - رضي الله عنه - وقال ابن عمر - رضي الله عنهما - : نزلت هذه السورة بمنى في حجة الوداع ، ثم نزلت : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي [ المائدة : 3 ] فعاش بعدها النبي صلى الله عليه وسلم ثمانين يوما ، ثم نزلت آية الكلالة ، فعاش بعدها خمسين يوما ، ثم نزل : لقد جاءكم رسول من أنفسكم [ التوبة : 128 ] فعاش بعدها خمسة وثلاثين يوما ، ثم نزلت : واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله [ البقرة : 281 ] فعاش بعدها أحدا وعشرين يوما . وقال مقاتل : سبعة أيام .

                                                                                              إنه كان توابا على النادمين - وإن كثروا - ومحاء ذنوب الخطائين إذا استغفروا . نسأل الله العظيم الكريم أن يلهمنا الندم الذي هو أعظم أركان التوبة ، وأن يمحو ذنوبنا ، ويلهمنا الاستغفار الموجب لذلك ، إن شاء الله تعالى .



                                                                                              الخدمات العلمية