الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          طعم

                                                          طعم : الطعام : اسم جامع لكل ما يؤكل ، وقد طعم يطعم طعما فهو طاعم ، إذا أكل أو ذاق ، مثال غنم يغنم غنما فهو غانم . وفي التنزيل : فإذا طعمتم فانتشروا . ويقال : فلان قل طعمه أي أكله . ويقال : طعم يطعم مطعما ، وإنه لطيب المطعم ، كقولك طيب المأكل . وروي عن ابن عباس ; أنه قال في زمزم : إنها طعام طعم ، وشفاء سقم ، أي يشبع الإنسان إذا شرب ماءها ; كما يشبع من الطعام . ويقال : إني طاعم عن طعامكم ; أي مستغن عن طعامكم . ويقال : هذا الطعام طعام طعم ; أي يطعم من أكله ; أي يشبع ، وله جزء من الطعام ، ما لا جزء له . وما يطعم آكل هذا الطعام ، أي ما يشبع ، وأطعمته الطعام . وقوله تعالى : أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة ، قال ابن سيده : اختلف في طعام البحر ، فقال بعضهم : هو ما نضب عنه الماء فأخذ بغير صيد ، فهو طعامه . وقال آخرون : طعامه كل ما سقي بمائه فنبت ، لأنه نبت عن مائه ، كل هذا عن أبي إسحاق الزجاج ، والجمع أطعمة ، وأطعمات ، جمع الجمع ، وقد طعمه طعما وطعاما وأطعم غيره ، وأهل الحجاز إذا أطلقوا اللفظ بالطعام عنوا به البر خاصة ، وفي حديث أبي سعيد : كنا نخرج صدقة الفطر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعا من طعام ، أو صاعا من شعير ، قيل : أراد به البر ، وقيل : التمر ، وهو أشبه لأن البر كان عندهم قليلا لا يتسع لإخراج زكاة الفطر ، وقال الخليل : العالي في كلام العرب أن الطعام هو البر خاصة . وفي حديث المصراة : من ابتاع مصراة فهو بخير النظرين ، إن شاء أمسكها ، وإن شاء ردها ورد معها صاعا من طعام لا سمراء . قال ابن الأثير : الطعام عام في كل ما يقتات من الحنطة والشعير ، والتمر ، وغير ذلك ، وحيث استثنى منه السمراء وهي الحنطة ، فقد أطلق الصاع فيما عداها من الأطعمة ، إلا أن العلماء خصوه بالتمر ، لأمرين : أحدهما أنه كان الغالب على أطعمتهم ، والثاني أن معظم روايات هذا الحديث إنما جاءت صاعا من تمر ، وفي بعضها قال : صاعا من طعام ، ثم أعقبه بالاستثناء ، فقال لا سمراء ، حتى إن الفقهاء قد ترددوا فيما لو أخرج بدل التمر زبيبا ، أو قوتا آخر فمنهم من تبع التوقيف ، ومنهم من رآه في معناه إجراء له مجرى صدقة الفطر ، وهذا الصاع الذي أمر برده مع المصراة هو بدل عن اللبن الذي كان في الضرع عند العقد ، وإنما لم يجب رد عين اللبن أو مثله أو قيمته ; لأن عين اللبن لا تبقى غالبا ، وإن بقيت فتمتزج بآخر اجتمع في الضرع بعد العقد إلى تمام الحلب ، وأما المثلية فلأن القدر إذا لم يكن معلوما بمعيار الشرع كانت المقابلة من باب الربا ، وإنما قدر من [ ص: 120 ] التمر دون النقد لفقده عندهم غالبا ، ولأن التمر يشارك اللبن في المالية والقوتية ، ولهذا المعنى نص الشافعي - رضي الله عنه - أنه لو رد المصراة بعيب آخر سوى التصرية ، رد معها صاعا من تمر لأجل اللبن . وقوله تعالى : ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون معناه ما أريد أن يرزقوا أحدا من عبادي ولا يطعموه ، لأني أنا الرزاق المطعم ، ورجل طاعم : حسن الحال في المطعم ، قال الحطيئة :


                                                          دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي



                                                          ورجل طاعم وطعم على النسب ; عن سيبويه ، كما قالوا : نهر . والطعم : الأكل . والطعم : ما أكل . وروى الباهلي عن الأصمعي : الطعم الطعام ، والطعم الشهوة ، وهو الذوق ، وأنشد لأبي خراش الهذلي :


                                                          أرد شجاع الجوع قد تعلمينه     وأوثر غيري من عيالك بالطعم



                                                          أي بالطعام ، ويروى : شجاع البطن ، حية يذكر أنها في البطن وتسمى الصفر ، تؤذي الإنسان إذا جاع ، ثم أنشد قول أبي خراش في الطعم الشهوة :


                                                          وأغتبق الماء القراح فأنتهي     إذا الزاد أمسى للمزلج ذا طعم



                                                          ذا طعم أي ذا شهوة ، فأراد بالأول الطعام ، وبالثاني ما يشتهى منه ، قال ابن بري : كنى عن شدة الجوع بشجاع البطن الذي هو مثل الشجاع . ورجل ذو طعم أي ذو عقل وحزم ، وأنشد :


                                                          فلا تأمري يا أم أسماء بالتي     تجر الفتى ذا الطعم أن يتكلما



                                                          أي تخرس ، وأصله من الإجرار ، وهو أن يجعل في فم الفصيل خشبة تمنعه من الرضاع . ويقال : ما بفلان طعم ولا نويص ، أي ليس له عقل ، ولا به حراك . قال أبو بكر : قولهم : ليس لما يفعل فلان طعم ، معناه ليس له لذة ولا منزلة من القلب ، وقال في قوله : للمزلج ذا طعم في بيت أبي خراش : معناه ذا منزلة من القلب ، والمزلج البخيل ، وقال ابن بري : المزلج من الرجال الدون الذي ليس بكامل ; وأنشد :


                                                          ألا ما لنفس لا تموت فينقضي     شقاها ولا تحيا حياة لها طعم



                                                          معناه : لها حلاوة ومنزلة من القلب . وليس بذي طعم ، أي : ليس له عقل ولا نفس . والطعم : ما يشتهى . يقال : ليس له طعم ، وما فلان بذي طعم إذا كان غثا . وفي حديث بدر : ما قتلنا أحدا به طعم ، ما قتلنا إلا عجائز صلعا ; هذه استعارة أي قتلنا من لا اعتداد به ولا معرفة ولا قدر ، ويجوز فيه فتح الطاء وضمها ; لأن الشيء إذا لم يكن فيه طعم ولا له طعم فلا جدوى فيه للآكل ولا منفعة . والطعم أيضا : الحب الذي يلقى للطير ، وأما سيبويه فسوى بين الاسم والمصدر ، فقال : طعم طعما ، وأصاب طعمه ، كلاهما بضم أوله . والطعمة : المأكلة ، والجمع طعم ، قال النابغة :


                                                          مشمرين على خوص مزممة     نرجو الإله ونرجو البر والطعما



                                                          ويقال : جعل السلطان ناحية كذا طعمة لفلان أي مأكلة له . وفي حديث أبي بكر : إن الله تعالى إذا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه جعلها للذي يقوم بعده ; الطعمة بالضم : شبه الرزق ، يريد به ما كان له من الفيء وغيره ، وجمعها طعم ، ومنه حديث ميراث الجد : إن السدس الآخر طعمة له ; أي أنه زيادة على حقه . ويقال : فلان تجبى له الطعم أي الخراج والإتاوات ، قال زهير :


                                                          مما ييسر أحيانا له الطعم



                                                          وقال الحسن في حديثه : القتال ثلاثة : قتال على كذا ، وقتال لكذا ، وقتال على كسب هذه الطعمة ، يعني الفيء والخراج . والطعمة والطعمة بالضم ، والكسر : وجه المكسب . يقال : فلان طيب الطعمة وخبيث الطعمة إذا كان رديء الكسب ، وهي بالكسر خاصة حالة الأكل ، ومنه حديث عمر بن أبي سلمة : فما زالت تلك طعمتي بعد ; أي حالتي في الأكل . أبو عبيد : فلان حسن الطعمة والشربة بالكسر . والطعمة : الدعوة إلى الطعام . والطعمة : السيرة في الأكل ، وهي أيضا الكسبة ، وحكى اللحياني : إنه لخبيث الطعمة ; أي السيرة ، ولم يقل خبيث السيرة في طعام ولا غيره . ويقال : فلان طيب الطعمة ، وفلان خبيث الطعمة ، إذا كان من عادته ألا يأكل إلا حلالا أو حراما . واستطعمه : سأله أن يطعمه . وفي الحديث : إذا استطعمكم الإمام فأطعموه ، أي إذا أرتج عليه في قراءة الصلاة واستفتحكم فافتحوا عليه ولقنوه ، وهو من باب التمثيل ، تشبيها بالطعام ، كأنهم يدخلون القراءة في فيه كما يدخل الطعام ، ومنه قولهم : فاستطعمته الحديث ; أي طلبت منه أن يحدثني وأن يذيقني طعم حديثه ، وأما ما ورد في الحديث : طعام الواحد يكفي الاثنين ، وطعام الاثنين يكفي الأربعة ، فيعني شبع الواحد قوت الاثنين ، وشبع الاثنين قوت الأربعة ، ومثله قول عمر - رضي الله عنه - عام الرمادة : لقد هممت أن أنزل على أهل كل بيت مثل عددهم ; فإن الرجل لا يهلك على نصف بطنه . ورجل مطعم : شديد الأكل ، وامرأة مطعمة نادر ولا نظير له إلا مصكة . ورجل مطعم بضم الميم : مرزوق . ورجل مطعام : يطعم الناس ويقريهم كثيرا ، وامرأة مطعام بغير هاء . والطعم بالفتح : ما يؤديه الذوق . يقال : طعمه مر . وطعم كل شيء : حلاوته ومرارته ، وما بينهما يكون ذلك في الطعام والشراب ، والجمع طعوم . وطعمه طعما وتطعمه : ذاقه فوجد طعمه . وفي التنزيل : إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني أي من لم يذقه . يقال : طعم فلان الطعام يطعمه طعما إذا أكله بمقدم فيه ، ولم يسرف فيه ، وطعم منه إذا ذاق منه ، وإذا جعلته بمعنى الذوق جاز فيما يؤكل ويشرب . والطعام : اسم لما يؤكل ، والشراب : اسم لما يشرب ، وقال أبو إسحاق : " ومن لم يطعمه " أي : لم يتطعم به . قال الليث : طعم كل شيء يؤكل - ذوقه ، جعل ذواق الماء طعما ، ونهاهم أن يأخذوا منه إلا غرفة ، وكان فيها ريهم وري دوابهم ، وأنشد ابن الأعرابي :

                                                          [ ص: 121 ]

                                                          فأما بنو عامر بالنسار     غداة لقونا فكانوا نعاما
                                                          نعاما بخطمة صعر الخدو     د لا تطعم الماء إلا صياما



                                                          يقول : هي صائمة منه لا تطعمه ، قال : وذلك لأن النعام لا ترد الماء ولا تطعمه ، ومنه حديث أبي هريرة في الكلاب : إذا وردن الحكر الصغير فلا تطعمه ; أي لا تشربه . وفي المثل : تطعم تطعم أي ذق تشه ، قال الجوهري : قولهم : تطعم تطعم أي ذق حتى تستفيق أي تشتهي وتأكل . قال ابن بري : معناه ذق الطعام فإنه يدعوك إلى أكله ، قال : فهذا مثل لمن يحجم عن الأمر ، فيقال له : ادخل في أوله يدعوك ذلك إلى دخولك في آخره ، قاله عطاء بن مصعب . والطعم : الأكل بالثنايا . ويقال : إن فلانا لحسن الطعم وإنه ليطعم طعما حسنا . واطعم الشيء : أخذ طعما . ولبن مطعم ومطعم : أخذ طعم السقاء . وفي التهذيب : قال أبو حاتم : يقال : لبن مطعم ، وهو الذي أخذ في السقاء طعما وطيبا ، وهو ما دام في العلبة محض وإن تغير ، ولا يأخذ اللبن طعما ولا يطعم في العلبة والإناء أبدا ، ولكن يتغير طعمه في الإنقاع . واطعمت الشجرة ، على افتعلت : أدركت ثمرتها يعني أخذت طعما وطابت . وأطعمت : أدركت أن تثمر . ويقال : في بستان فلان من الشجر المطعم كذا أي من الشجر المثمر الذي يؤكل ثمره . وفي الحديث : نهى عن بيع الثمرة حتى تطعم . ويقال : أطعمت الشجرة إذا أثمرت وأطعمت الثمرة إذا أدركت أي صارت ذات طعم وشيئا يؤكل منها ، وروي : حتى تطعم أي تؤكل ، ولا تؤكل إلا إذا أدركت . وفي حديث الدجال : أخبروني عن نخل بيسان هل أطعم أي هل أثمر ؟ ، وفي حديث ابن مسعود : كرجرجة الماء لا تطعم أي لا طعم لها ، ويروى : لا تطعم ، بالتشديد ، تفتعل من الطعم . وقال النضر : أطعمت الغصن إطعاما إذا وصلت به غصنا من غير شجره وقد أطعمته فطعم أي وصلته به فقبل الوصل . ويقال للحمام الذكر إذا أدخل فمه في فم أنثاه : قد طاعمها وقد تطاعما ; ومنه قول الشاعر :


                                                          لم أعطها بيد إذ بت أرشفها     إلا تطاول غصن الجيد بالجيد
                                                          كما تطاعم في خضراء ناعمة     مطوقان أصاخا بعد تغريد



                                                          وهو التطاعم والمطاعمة ، واطعمت البسرة أي صار لها طعم ، وأخذت الطعم ، وهو افتعل من الطعم ، مثل اطلب من الطلب ، واطرد من الطرد . والمطعمة : الغلصمة ، قال أبو زيد : أخذ فلان بمطعمة فلان ، إذا أخذ بحلقه يعصره ، ولا يقولونها إلا عند الخنق والقتال . والمطعمة : المخلب الذي تخطف به الطير اللحم . والمطعمة : القوس التي تطعم الصيد ، قال ذو الرمة :


                                                          وفي الشمال من الشريان مطعمة     كبداء في عجسها عطف وتقويم



                                                          كبداء : عريضة الكبد ، وهو ما فوق المقبض بشبر ; وصواب إنشاده :


                                                          في عودها عطف



                                                          يعني موضع السيتين وسائره مقوم ، البيت بفتح العين ، ورواه ابن الأعرابي بكسر العين ، وقال : إنها تطعم صاحبها الصيد . وقوس مطعمة : يصاد بها الصيد ويكثر الضراب عنها . ويقال : فلان مطعم للصيد ومطعم الصيد إذا كان مرزوقا منه ، ومنه قول امرئ القيس :


                                                          مطعم للصيد ليس له     غيرها كسب ، على كبره



                                                          وقال ذو الرمة :


                                                          ومطعم الصيد هبال لبغيته



                                                          وأنشد محمد بن حبيب :


                                                          رمتني يوم ذات الغم سلمى     بسهم مطعم للصيد لامي
                                                          فقلت لها أصبت حصاة قلبي     وربت رمية من غير رامي



                                                          ويقال : إنك مطعم مودتي أي مرزوق مودتي ; وقال الكميت :


                                                          بلى إن الغواني مطعمات     مودتنا وإن وخط القتير



                                                          أي نحبهن وإن شبنا . ويقال : إنه لمتطاعم الخلق أي متتابع الخلق . ويقال : هذا رجل لا يطعم ، بتثقيل الطاء ، أي لا يتأدب ولا ينجع فيه ما يصلحه ولا يعقل . والمطعم والمطعم من الإبل : الذي تجد في لحمه طعم الشحم من سمنه ، وقيل : هي التي جرى فيها المخ قليلا . وكل شيء وجد طعمه فقد اطعم . وطعم العظم : أمخ ، أنشد ثعلب :


                                                          وهم تركوكم لا يطعم عظمكم     هزالا وكان العظم قبل قصيدا



                                                          ومخ طعوم : يوجد طعم السمن فيه . وقال أبو سعيد : يقال لك : غث هذا وطعومه أي غثه وسمينه . وشاة طعوم وطعيم : فيها بعض الشحم ، وكذلك الناقة . وجزور طعوم : سمينة ، وقال الفراء : جزور طعوم وطعيم ; إذا كانت بين الغثة والسمينة . والطعومة : الشاة تحبس لتؤكل . ومستطعم الفرس : جحافله ، وقيل : ما تحت مرسنه إلى أطراف جحافله ، قال الأصمعي : يستحب من الفرس أن يرق مستطعمه . والطعم : القدرة . يقال : طعمت عليه أي قدرت عليه . وأطعمت عينه قذى فطعمته ، واستطعمت الفرس إذا طلبت جريه ، وأنشد أبو عبيدة :


                                                          تداركه سعي وركض طمرة     سبوح إذا استطعمتها الجري تسبح



                                                          والمطعمتان من رجل كل طائر : هما الإصبعان المتقدمتان المتقابلتان . والمطعمة من الجوارح : هي الإصبع الغليظة المتقدمة ، واطرد هذا الاسم في الطير كلها . وطعمة ، وطعمة ، وطعيمة ، ومطعم ، كلها : أسماء ، وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          كساني ثوبي طعمة الموت إنما ال     تراث ، وإن عز الحبيب الغنائم



                                                          [ ص: 122 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية