الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا ) قوله تعالى : ( قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا ) قرأ العامة قال على الغيبة, وقرأ عاصم وحمزة : قل حتى يكون نظيرا لما بعده ، وهو قوله : ( قل إني لا أملك ) ( قل إني لن يجيرني ) قال مقاتل : إن كفار مكة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : "إنك جئت بأمر عظيم وقد عاديت الناس كلهم ، فارجع عن هذا" فأنزل الله : ( قل إنما أدعو ربي ) وهذا حجة لعاصم وحمزة ، ومن قرأ "قال" حمل ذلك على أن القوم لما قالوا ذلك ، أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إنما أدعو ربي ) فحكى الله ذلك عنه بقوله "قال" . أو يكون ذاك من بقية حكاية الجن أحوال الرسول لقومهم .

                                                                                                                                                                                                                                            ( قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ) إما أن يفسر الرشد بالنفع حتى يكون تقدير الكلام : لا أملك لكم غيا ولا رشدا ، ويدل عليه قراءة أبي غيا ولا رشدا ، ومعنى الكلام أن النافع والضار ، والمرشد والمغوي هو الله ، وإن أحدا من الخلق لا قدرة له عليه .

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( قل إني لن يجيرني من الله أحد ) قال مقاتل : إنهم قالوا : اترك ما تدعو إليه ونحن نجيرك ، فقال الله له : ( قل إني لن يجيرني من الله أحد ) .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( ولن أجد من دونه ملتحدا ) أي ملجأ وحرزا ، قال المبرد : ملتحدا مثل قولك منعرجا ، والتحد معناه في اللغة مال ، فالملتحد المدخل من الأرض مثل السرب الذاهب في الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية