الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في معنى قوله -عز وجل- : وفي سبيل الله

                                                                                                                                                                                        وأما قوله -عز وجل- : وفي سبيل الله [التوبة : 60] . يريد : الغزو ، ويعطى منها الغازي إذا كان غنيا في بلده ، فقيرا بالموضع الذي هو فيه .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان غنيا بالموضع الذي هو فيه ، فقيل : يعطى لظاهر الحديث : "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : لغاز . . ." الحديث ، ولأن أخذه في معنى المعاوضة والأجرة إذا كان أوقف نفسه لذلك ، أو هو في حين غزو ، ولأنه يقاتل عن المسلمين ، ولأن في إعطائه ضربا من الاستئلاف لمشقة ما [ ص: 982 ] يتكلفون من بذل النفوس .

                                                                                                                                                                                        وقيل : لا يعطى إلا أن يكون هناك فقير . وعلى هذا القول يكون كابن السبيل ، ويعطى الغزاة وإن كانوا أغنياء إذا كانوا في نحر العدو مقيمين بذلك الموضع ، فيستألفون بالعطاء لمقامهم به ، ويصرف منها للغازي بقدر ما يحتاج إليه في غزوه .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن عبد الحكم : يجعل منها نصيب في الحملان ، والسلاح ، ويشترى منها القوس ، والمساحي ، والحبال ، وما يحتاج إليه لحفر الخنادق ، والمنجنيقات للحصون ، وتنشأ منها المراكب للغزو ، وكراء النواتية ، ويعطى منها للجواسيس الذين يأتون بأخبار العدو للمسلمين ، مسلمين كانوا أو نصارى ، ويبنى منها حصن على المسلمين ، ولو حصر قوم من العدو قوما من المسلمين لا قوة لهم بدفعهم ، فصالحوهم على مال ، فلا بأس أن يعطوا من ذلك ، وأرى ذلك كله داخلا في عموم قوله : وفي سبيل الله [التوبة : 60] .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية