الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب الرهن في الصرف قال - رحمه الله - : وإذا اشترى عشرة دراهم بدنانير ونقده الدنانير وأخذ بالعشرة رهنا يساويها فهلك الرهن في يده قبل أن يتفرقا فهو بما فيه وقد بينا في البيوع حكم الرهن برأس مال السلم فبدل الصرف فيه مثله ثم بقبض الرهن تثبت له يد الاستيفاء ويتم ذلك بهلاك الرهن ويصير بهلاك الرهن مستوفيا عين حقه من مالية الرهن لا مستبدلا ; فلهذا بقي عقد [ ص: 42 ] الصرف كذلك لو اشترى سيفا محلى بدنانير أو بمائة درهم وقبض السيف وأخذ ثمنه رهنا ، فيه وفاء فهلك قبل أن يتفرقا ولو نقده الثمن وأخذ رهنا بالسيف ، وفيه وفاء فهلك الرهن عنده قبل أن يتفرقا ; فإنه يقضى له بالسيف ; لأن أخذ الرهن بالأعيان لا يجوز ; لأن موجب عقد الرهن ثبوت يد الاستيفاء ، واستيفاء العين من العين غير ممكن فيبقى السيف على ملكه بعد هلاك الرهن ويقضى عليه بالأقل من قيمة السيف ومن قيمة الرهن ; لأنه قبض الرهن على جهة الاستيفاء ، والمقبوض على جهة الشيء كالمقبوض على حقيقته في حكم الضمان ، وكذلك لو كان مكان السيف منطقة أو سرج مفضض أو إناء مصوغ أو فضة تبر ، وهذا دليل على أن التبر يتعين بالتعيين في العقد في أنه جعله كالسيف في أنه لا يجوز أخذ الرهن بعينه فإن هلك الرهن بعد ما تفرقا قبل القبض فقد بطل عقد الصرف بالافتراق ; لأن تمام الاستيفاء بهلاك الرهن فالافتراق قبله مبطل لعقد الصرف ولكن المرتهن ضامن الأقل من قيمة الرهن ومما رهن به سواء كان رهنا بالثمن أو بالمثمن ; لأن الضمان حكم يثبت بالقبض ، والقبض باق بعد ما بطل عقد الصرف بالافتراق فعند هلاك الرهن يتم الاستيفاء فيما انعقد ضمانه بالقبض ، وقد بطل العقد الموجب للاستيفاء فيلزمه رد المستوفى كما لو استوفاه حقيقة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية