الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2971 [ ص: 503 ] 17 - باب: ومن الدليل على أن الخمس للإمام وأنه يعطي بعض قرابته دون بعض ما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني المطلب وبني هاشم من خمس خيبر

                                                                                                                                                                                                                              قال عمر بن عبد العزيز: لم يعمهم بذلك، ولم يخص قريبا دون من هو أحوج إليه، وإن كان الذي أعطى لما يشكو إليه من الحاجة، ولما مسه في جنبه من قومهم وحلفائهم.

                                                                                                                                                                                                                              3140 - حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: يا رسول الله، أعطيت بني المطلب وتركتنا، ونحن وهم منك بمنزلة واحدة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد". قال الليث : حدثني يونس وزاد: قال جبير: ولم يقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني عبد شمس ولا لبني نوفل. وقال ابن إسحاق : عبد شمس وهاشم والمطلب إخوة لأم، وأمهم عاتكة بنت مرة، وكان نوفل أخاهم لأبيهم. [3502، 4229 - فتح: 6 \ 244]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقلنا: يا رسول الله، أعطيت بني المطلب وتركتنا، ونحن وهم منك بمنزلة واحدة. فقال - صلى الله عليه وسلم - : "إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد".

                                                                                                                                                                                                                              وقال الليث : حدثني يونس، وزاد جبير ولم يقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني عبد شمس ولا لبني نوفل. وقال ابن إسحاق : عبد شمس (وهاشم) والمطلب إخوة لأم، وأمهم عاتكة بنت مرة، وكان نوفل أخاهم لأبيهم.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 504 ] الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث من أفراده، ويأتي في مناقب قريش، وتعليق الليث أسنده في المغازي عن يحيى بن بكير عنه، وكلام ابن إسحاق خرجه أبو داود والنسائي .

                                                                                                                                                                                                                              وليس في الباب أنه قسم سهم ذوي القربى خمس الخمس بينهم خلاف ما ذكره الشافعي، وأنه لا يفضل فقير على غني، وقد يجوز أن يقسم بينهم بأكثر أو أقل؛ لأنه لم يخص في الحديث مبلغ سهمهم كم هو، وإنما قصد بالحديث الفرق بين بني هاشم وبني المطلب وبين سائر بني عبد مناف، نعم قال ابن عباس حين كتب إليه نجدة الحروري يسأله عن سهم ذي القربى، ومن هم؟ قال: هم قرابة الرسول ولكن أبى ذلك علينا قومنا فصبرنا، لكن ابن عباس لم يعلم من أبى ذلك عليه، فقد دل أن ما أريد به في ذلك بقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعضهم دون بعض، وجعل الرأي في ذلك إليه يضعه فيمن شاء منهم، وهم أهل الفقر والحاجة خاصة، ولذلك قال عمر بن الخطاب: إنما جعل الخمس لأصناف سماهم، فأسعدهم فيه حظا أشدهم فاقة وأكثرهم عددا.

                                                                                                                                                                                                                              وذكر الطحاوي بإسناده إلى الحسن بن محمد بن علي قال: اختلف الناس بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سهم ذي القربى، فقال قائل: هو لقرابة الخليفة. وقال قوم: سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو للخليفة من بعده، ثم أجمع

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 505 ] رأيهم أن يجعلوا هذين السهمين في العدة والخيل في سبيل الله، فكان ذلك في إمارة أبي بكر وعمر.

                                                                                                                                                                                                                              قال الطحاوي : أولا ترى أن ذلك مما قد أجمع عليه الصحابة، ولو كان ذلك لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما منعوا منه، ولا صرف إلى غيرهم، ولا خفي ذلك عن الحسن بن محمد مع علمه وتقدمه. وقد سلف ذلك في (باب) درع النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              وخالف أصحاب الشافعي - المزني وأبو ثور - الشافعي في قوله: يعطي للرجل من ذي القربى سهمين والمرأة سهما، فقالوا: الذكر والأنثى في ذلك سواء، وصححه ابن بطال وبالغ؛ لأنهم إنما أعطوا بالقرابة، وذلك لا يوجب التفضيل الذي وصف، كما لو أوصى رجل لقرابته بوصية، لم يجز أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأنهم إنما أعطوا باللفظ الذي أوجب لهم ذلك، فأما المواريث فإن الله تعالى قسمها بين أهلها على أمور مختلفة، جعل للوالدين في حال شيئا، وفي حال غيره، وللأولاد إذا كانوا ذكورا وإناثا شيئا، وإذا كن إناثا غير ذلك، وكذلك الإخوة والأخوات.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث ظاهر للشافعي، أن ذا القربى الذي يسهم لهم من الخمس هم بنو هاشم وبنو المطلب أخي هاشم خاصة دون سائر قرابته، وبه قال أبو ثور.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 506 ] وقال ابن الحنفية: سهم ذي القربى هو لنا أهل البيت.

                                                                                                                                                                                                                              وروي عن عمر بن عبد العزيز أنهم بنو هاشم خاصة.

                                                                                                                                                                                                                              وقال أصبغ بن الفرج: اختلف في ذلك: فقيل: هم قرابة الرسول خاصة، وقيل: قريش كلها.

                                                                                                                                                                                                                              قال: ووجدت في "معاني الآثار" أنهم آل محمد. وقد تقدم في الزكاة اختلافهم في آله الذين تحرم عليهم الصدقة.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية