الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      بل : حرف إضراب عن الأول وإثبات للثاني وتستعمل بعد النفي والإيجاب ، ويأتي بعدها المنفي كما يأتي الموجب .

                                                      [ ص: 205 ] قالوا : وهي أعم في الاستدراك بها من " لكن " تقول في الموجب : قام زيد بل عمرو ، وفي المنفي : ما قام زيد بل عمرو ، وقال تعالى : { إنا لمغرمون بل نحن محرومون } { وهم لا يظلمون بل قلوبهم في غمرة } ومثال المنفي بعدها { أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون } { قالوا بل لم تكونوا مؤمنين } . وقيل : هي للإعراض عما قبلها أي جعله في حكم المسكوت عنه فإذا انضم إليها " لا " صار نصا في نفي الأول نحو جاء زيد لا بل عمرو . ثم إن تلاها جملة كانت بمعنى الإضراب إما الإبطالي نحو { قالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون } أي : بل هم ، وإما الانتقالي أي : الانتقال بها من غرض إلى غرض آخر . وزعم صاحب البسيط " وابن مالك أنها لا تقع في التنزيل إلا على هذا الوجه ، مثاله قوله تعالى : { وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون } فاستدرك ببيان عدوانه وخرج من قصة إلى أخرى ، وهي في ذلك كله حرف ابتداء لا عاطفة على الصحيح .

                                                      وقال ابن الخشاب : إذا قلت جاء زيد لكن عمرو لم يجز لك أن تقدر " لكن " حرفا عاطفا جملة على جملة ، وإن شئت اعتقدتها حرف ابتداء يستأنف عندها الكلام ، وهكذا إذا جاءت في القرآن فإن اعتقدتها عاطفة فلا وقف على ما قبلها دونها ; إذ لا تقف على المعطوف عليه وتبتدئ بالمعطوف ، وإن اعتقدتها حرف ابتداء فلك الخيار في الوقف على ما قبلها ووصله . انتهى . [ ص: 206 ] وإن تلاها مفرد فهي عاطفة ثم إن تقدمها أمر ، أو إيجاب ، كاضرب زيدا بل عمرا ، أو قام زيد بل عمرو ، فهي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه ، وإثبات الحكم لما بعدها . وإن تقدمها نفي أو نهي لتقرير ما قبلها على حالته وجعل ضده لما بعدها ، نحو ما قام زيد بل عمرو ، ولا يقوم زيد بل عمرو . وأجاز المبرد ومن تبعه أن يكون ما قبله معنى النفي والنهي لا بعدها ، فإذا قلت : ما رأيت زيدا بل عمرا بل ما رأيت عمرا ; لأنك إذا أضربت عن موجب في رأيت زيدا بل عمرا أضربت إلى موجب ، فكذلك تضرب عن منفي إلى منفي . ورد بأنه مخالف للاستعمال وهو مقدم على القياس وإذا تحقق معنى الإضراب بطلب شبهه ، وحقيقته ترك الشيء والأخذ في غيره وهو الثاني .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية