الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          طلل

                                                          طلل : الطل : المطر الصغار القطر الدائم ، وهو أرسخ المطر ندى . ابن سيده : الطل أخف المطر وأضعفه ثم الرذاذ ثم البغش ، وقيل : هو الندى ، وقيل : فوق الندى ودون المطر ، وجمعه طلال ، فأما قوله : أنشده ابن الأعرابي :


                                                          مثل النقا لبده ضرب الطلل



                                                          فإنه أراد " ضرب الطل " ففك المدغم ثم حركه ، ورواه غيره " ضرب الطلل " ، أراد " ضرب الطلال فحذف ألف الجمع . ويوم طل : ذو طل . وطلت الأرض طلا : أصابها الطل ، وطلت فهي طلة : نديت ، وطلها الندى ، فهي مطلولة . وقالوا في الدعاء : طلت بلادك وطلت ، فطلت : أمطرت ، وطلت : نديت . وقال أبو إسحاق : طلت ، بالضم لا غير . يقال : رحبت بلادك وطلت ، بالضم ، ولا يقال : طلت لأن الطل لا يكون منها إنما هي مفعولة ، وكل ند طل . وقال الأصمعي : أرض طلة ندية وأرض مطلولة من الطل . وطلت السماء : اشتد وقعها . والمطلل : الضباب ، ويقال للندى الذي تخرجه عروق الشجر إلى غصونها : طل . وفي حديث أشراط الساعة : ثم يرسل الله مطرا كأنه الطل ; الطل : الذي ينزل من السماء في الصحو ، والطل أيضا : أضعف المطر . والطل : قلة لبن الناقة ، وقيل : هو اللبن قل أو كثر . والمطلول : اللبن المحض فوقه رغوة مصبوب عليه ماء فتحسبه طيبا وهو لا خير فيه ; قال الراعي :


                                                          وبحسب قومك ، إن شتوا مطلولة     شرع النهار ، ومذقة أحيانا



                                                          وقيل : المطلولة هنا جلدة مودونة بلبن محض يأكلونها . وقالوا : ما بها طل ولا ناطل ، فالطل اللبن ، والناطل الخمر . وما بها طل أي طرق . ويقال : ما بالناقة طل أي ما بها لبن . والطلى : الشربة من الماء . والطل : هدر الدم ، وقيل : هو أن لا يثأر به أو تقبل ديته ، وقد طل الدم نفسه طلا وطللته أنا ، قال أبو حية النميري :

                                                          [ ص: 139 ]

                                                          ولكن ، وبيت الله ما طل مسلما     كغر الثنايا واضحات الملاغم



                                                          وقد طل طلا وطلولا ، فهو مطلول وطليل ، وأطل وأطله الله . الجوهري : طله الله وأطله أي أهدره . أبو زيد : طل دمه ، فهو مطلول ; قال الشاعر :


                                                          دماؤهم ليس لها طالب     مطلولة مثل دم العذره



                                                          أبو زيد : طل دمه وأطله الله ، ولا يقال : طل دمه ، بالفتح ، وأبو عبيدة والكسائي يقولانه . ويقال : أطل دمه ، أبو عبيدة : فيه ثلاث لغات : طل دمه ، وطل دمه ، وأطل دمه . والطلاء : الدم المطلول ، قال الفارسي : همزته منقلبة عن ياء مبدلة من لام ، وهو عنده من محول التضعيف ، كما قالوا : لا أملاه ; يريدون لا أمله . وفي الحديث : أن رجلا عض يد رجل فانتزع يده من فيه ، فسقطت ثناياه ، فطلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي أهدرها وأبطلها ، قال ابن الأثير : هكذا يروى طلها ، بالفتح ، وإنما يقال : طل دمه ، وأطل وأطله الله ، وأجاز الأول الكسائي ، قال : ومنه الحديث من لا أكل ولا شرب ولا استهل ومثل ذلك يطل . وطله حقه يطله : نقصه إياه وأبطله . خالد بن جنبة : طل بنو فلان فلانا حقه ، يطلونه إذا منعوه إياه وحسبوه منه ، وقال غيره : طله أي مطله ، ومنه حديث يحيى بن يعمر لزوج المرأة التي حاكمته إليه طالبة مهرها : أنشأت تطلها وتضهلها ; تطلها أي تمطلها ، طل فلان غريمه يطله إذا مطله ، وقيل يطلها يسعى في بطلان حقها ، كأنه من الدم المطلول . ورجل طل : كبير السن ، عن كراع . والطلة : الخمر اللذيذة : وخمرة طلة أي لذيذة ; قال حميد بن ثور :


                                                          أظل كأني شارب لمدامة     لها في عظام الشاربين دبيب
                                                          ركود الحميا طلة شاب ماءها     بها ، من عقاراء الكروم ربيب



                                                          أراد من كروم العقاراء فقلب . ورائحة طلة : لذيذة ، أنشد ثعلب :


                                                          تجيء بريا من عثيلة طلة     يهش لها القلب الدوي فيثيب



                                                          وأنشد أبو حنيفة :


                                                          بريح خزامى طلة من ثيابها     ومن أرج من جيد المسك ثاقب



                                                          وحديث طل أي حسن . الفراء : الطلة الشربة من اللبن ، والطلة النعمة ، والطلة الخمرة السلسة ، والطلة الحصر . قال يعقوب : وحكي عن أبي عمرو : ما بالناقة طل ، بالضم أي ما بها لبن . وطلة الرجل : امرأته ، وكذلك حنته ; قال عمرو بن حسان :


                                                          أفي نابين نالهما إساف     تأوه طلتي ، ما إن تنام ؟



                                                          والناب : الشارف من النوق ، وإساف : اسم رجل ، وأنشد ابن بري لشاعر :


                                                          وإني لمحتاج إلى موت طلتي     ولكن قرين السوء باق معمر

                                                          وقول أبي صخر الهذلي :


                                                          كمور السقى في حائر غدق الثرى     عذاب اللمى بحنين طل المناسب



                                                          قال السكري : معناه أحسن المناسب ; قال أبو الحسن : وهو يعود إلى معنى اللذة ; وكذلك قول أبي صخر أيضا :


                                                          قطعت بهن العيش والدهر كله     فحبر ولو طلت إليك المناسب

                                                          أي حسنت وأعجبت . والطلل : ما شخص من آثار الديار ، والرسم ما كان لاصقا بالأرض ، وقيل : طلل كل شيء شخصه ، وجمع كل ذلك أطلال وطلول . والطلالة : كالطلل ; التهذيب : وطلل الدار يقال : إنه موضع من صحنها يهيأ لمجلس أهلها ، وطلل الدار كالدكانة يجلس عليها ; أبو الدقيس : كان يكون بفناء كل بيت دكان عليه المشرب والمأكل ، فذلك الطلل . ويقال : حيا الله طللك وأطلالك أي ما شخص من جسدك ، وحيا الله طللك وطلالتك أي شخصك . ويقال : فرس حسن الطلالة ، هو ما ارتفع من خلقه . والإطلال : الإشراف على الشيء . ويقال : رأيت نساء يتطاللن من السطوح أي يتشوفن . وتطاللت : تطاولت فنظرت . أبو العميثل : تطاللت للشيء وتطاولت بمعنى واحد ، وتطال أي مد عنقه ينظر إلى الشيء يبعد عنه ; وقال طهمان بن عمرو :


                                                          كفى حزنا أني تطاللت كي أرى     ذرى قلتي دمخ ، فما تريان
                                                          ألا حبذا ، والله ، لو تعلمانه     ظلالكما يا أيها العلمان
                                                          وماؤكما العذب الذي لو شربته     وبي نافض الحمى ، إذا لشفاني

                                                          أبو عمرو : التطال الاطلاع من فوق المكان أو من الستر . وأطل عليه أي أشرف ; قال جرير :


                                                          أنا البازي المطل على نمير     أتيح من السماء لها انصبابا

                                                          وتقول : هذا أمر مطل أي ليس بمسفر . وفي حديث صفية بنت عبد المطلب : فأطل علينا يهودي أي أشرف ، قال وحقيقته : أوفى علينا بطلله أي شخصه . وتطاول على الشيء ، واستطل : أشرف ، قال ساعدة بن جؤية :


                                                          ومنه يمان مستطل ، وجالس     لعرض السراة ، مكفهرا صبيرها

                                                          ، وطلل السفينة : جلالها ، والجمع الأطلال . والطليل الحصير ; المحكم : الطليل حصير منسوج من دوم ، وقيل : هو الذي يعمل من السعف ، أو من قشور السعف ، وجمعه أطلة وطلل . التهذيب : أبو عمرو الطليلة البورياء ، قال الأصمعي : الباري لا غير . أبو عمرو : [ ص: 140 ] الطل الحية ، قال ابن الأعرابي : هو الطل ، بالفتح للحية . ويقال أطل فلان على فلان بالأذى إذا دام على إيذائه ; وقولهم : ليست لفلان طلالة ، قال ابن الأعرابي : ليست له حال حسنة وهيئة حسنة ، وهو من النبات المطلول ، وقال أبو عمرو : ليست له طلالة ، قال : الطلالة الفرح والسرور ; وأنشد :


                                                          فلما أن وبهت ولم أصادف     سوى رحلي ، بقيت بلا طلاله



                                                          معناه بغير فرح ولا سرور . وقال الأصمعي : الطلالة الحسن والماء . وخطب فلان خطبة طليلة أي حسنة . وعلى منطقه طلالة الحسن أي بهجته ; وقال :


                                                          فقلت ألم تعلمي     أنه جميل الطلالة حسانها



                                                          وفي حديث أبي بكر : أنه كان يصلي على أطلال السفينة ; وهي جمع طلل ، ويريد بها شراعها . وأطلال : اسم ناقة ، وقيل : اسم فرس يزعم الناس أنها تكلمت لما هربت فارس يوم القادسية ، وذلك أن المسلمين تبعوهم فانتهوا إلى نهر قد قطع جسره ، فقال فارسها : ثبي أطلال ! فقالت : وثبت وسورة البقرة ; وإياها عنى الشماخ بقوله :


                                                          لقد غاب عن خيل ، بموقان أحجرت     بكير بني الشداخ فارس أطلال



                                                          وبكير : هو اسم فارسها . وذو طلال : اسم فرس ; قال : غوية بن سلمى بن ربيعة ، ومنهم من يقول : عوية بعين مهملة :


                                                          ألا نادت أمامة باحتمال     لتحزنني ، فلا بك لا أبالي
                                                          فسيري ، ما بدا لك ، أو أقيمي     فأيا ما أتيت ، فعن يقال
                                                          وكيف تروعني امرأة ببين     حياتي ، بعد فارس ذي طلال

                                                          .

                                                          قال ابن بري : ويقال هو موضع ببلاد بني مرة ، وقيل : هناك قبر المري ، والأشهر أن ذا طلال اسم فرس لبعض المقتولين من أصحاب غوية ، ألا تراه يقول : بعد هذا :

                                                          وبعد أبي ربيعة عبد عمرو ، ومسعود ، وبعد أبي هلال والطلطلة ، والطلاطلة كلتاهما : الداهية ، وقيل : الطلاطلة ، والطلاطل ، داء يأخذ الحمر في أصلابها فيقطع ظهورها . والطلاطلة ، والطلاطل : الموت ، وقيل : هو الداء العضال . وقالوا : رماه الله بالطلاطلة والحمى المماطلة ، وهو وجع في الظهر ، وقيل : رماه الله بالطلاطلة ، هو الداء العضال الذي لا يقدر له على حيلة ولا دواء ولا يعرف المعالج موضعه . وقال أبو حاتم : الطلاطلة الذبحة التي تعجله ، والحمى المماطلة : الربع تماطل صاحبها أي تطاوله ، قال : والطلاطلة سقوط اللهاة ; حتى لا يسيغ طعاما ولا شرابا ، وزاد ابن بري في ذلك ، قال : رماه الله بالطلاطلة ، والحمى المماطلة ، فإنه إسب من الرجال ، والإسب اللئيم . والطلاطلة : لحمة في الحلق ، قال الأصمعي : الطلاطلة هي اللحمة السائلة على طرف المسترط . ويقال : وقعت طلاطلته يعني لهاته ; إذا سقطت . والطلطل : المرض الدائم . وذو طلال : ماء قريب من الربذة ، وقيل : هو واد بالشربة لغطفان ، قال عروة بن الورد :


                                                          وأي الناس آمن بعد بلج     وقرة صاحبي بذي طلال ؟



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية