الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الباطل: ما لا يحل في الشرع .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إلا أن تكون تجارة قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر: "تجارة" بالرفع . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وعاصم بالنصب ، وقد بينا العلة في آخر "البقرة" .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم فيه خمسة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 61 ] أحدها: أنه على ظاهره ، وأن الله حرم على العبد قتل نفسه ، وهذا الظاهر .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن معناه: لا يقتل بعضكم بعضا ، وهذا قول ابن عباس ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، وقتادة ، والسدي ، ومقاتل ، وابن قتيبة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أن المعنى: لا تكلفوا أنفسكم عملا ربما أدى إلى قتلها وإن كان فرضا ، وعلى هذا تأولها عمرو بن العاص في غزاة ذات السلاسل حيث صلى بأصحابه جنبا في ليلة باردة ، فلما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، قال له: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فقال: يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة ، وأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فذكرت قوله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 62 ] والرابع: أن المعنى: لا تغفلوا عن حظ أنفسكم ، فمن غفل عن حظها ، فكأنما قتلها ، هذا قول الفضيل بن عياض . والخامس: لا تقتلوها بارتكاب المعاصي .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية