278 [ ص: 640 ] 22 - باب: إذا احتلمت المرأة

282 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة أم المؤمنين أنها قالت: جاءت أم سليم - امرأة أبي طلحة- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم، إذا رأت الماء". [انظر: 130 - مسلم: 313 - فتح: 1 \ 388]

التالي السابق

الشرح

ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَقَدْ سَلَفَ فِي بَابِ الْحَيَاءِ فِي الْعِلْمِ، فَرَاجِعْهُ مِنْهُ.

وَالْإِجْمَاعُ قَائِمٌ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ إِذَا احْتَلَمْنَ وَرَأَيْنَ الْمَنِيَّ عَلَيْهِنَّ الْغُسْلُ، وَحُكْمُهُنَّ حُكْمُ الرِّجَالِ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّهُ احْتَلَمَ أَوْ جَامَعَ وَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا لَا غُسْلَ عَلَيْهِ.

وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ رَأَى بَلَلًا وَلَمْ يَذْكُرِ احْتِلَامًا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَغْتَسِلُ.

رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيِّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَغْتَسِلَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ إِبْرِدَةٌ.

وَقَالَ إِسْحَاقُ: يَغْتَسِلُ إِذَا كَانَتْ بِلَّةَ نُطْفَةٍ. وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ انْتَشَرَ إِلَى أَهْلِهِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ بِلَّةً فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ اغْتَسَلَ.

[ ص: 641 ] وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَغْتَسِلُ حَتَّى يُوقِنَ بِالْمَاءِ الدَّافِقِ، هَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ: يَغْتَسِلُ إِذَا عَلِمَ بِالْمَاءِ الدَّافِقِ.

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: ظَاهِرُهُ يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ إِذَا رَأَى الْبِلَّةَ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّهُ الْمَاءُ الدَّافِقُ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ. وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا يَجِبْ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ بَلَلُ الْمَاءِ الدَّافِقِ.

ذكر فيه حديث أم سلمة، وقد سلف في باب الحياء في العلم، فراجعه منه.

والإجماع قائم على أن النساء إذا احتلمن ورأين المني عليهن الغسل، وحكمهن حكم الرجال في ذلك، وكذا هو قائم على أن الرجل إذا رأى في منامه أنه احتلم أو جامع ولم يجد بللا لا غسل عليه.

واختلفوا فيمن رأى بللا ولم يذكر احتلاما، فقالت طائفة: يغتسل.

روي عن ابن عباس والشعبي وسعيد بن جبير والنخعي، وقال أحمد: أحب إلي أن يغتسل إلا رجل به إبردة.

وقال إسحاق: يغتسل إذا كانت بلة نطفة. وعن الحسن أنه قال: إذا كان انتشر إلى أهله من أول الليل فوجد من ذلك بلة فلا غسل عليه، وإن لم يكن كذلك اغتسل.

[ ص: 641 ] وفيه قول ثالث: وهو أنه لا يغتسل حتى يوقن بالماء الدافق، هكذا قال مجاهد، وهو قول قتادة، وقال مالك والشافعي وأبو يوسف: يغتسل إذا علم بالماء الدافق.

وقال الخطابي: ظاهره يوجب الاغتسال إذا رأى البلة، وإن لم يتيقن أنه الماء الدافق، وروي هذا القول عن جماعة من التابعين. وقال أكثر أهل العلم: لا يجب عليه حتى يعلم أنه بلل الماء الدافق.