الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2991 [ ص: 586 ] 3 - باب: الوصاة بأهل ذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

                                                                                                                                                                                                                              والذمة: العهد، والإل: القرابة.

                                                                                                                                                                                                                              3162 - حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، حدثنا أبو جمرة قال: سمعت جويرية بن قدامة التميمي قال: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، قلنا: أوصنا يا أمير المؤمنين. قال: أوصيكم بذمة الله، فإنه ذمة نبيكم، ورزق عيالكم. [انظر: 1392 - فتح: 6 \ 267]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث شعبة، عن أبي جمرة - بالجيم - سمعت جويرية - بالجيم أيضا - بن قدامة التميمي، قال: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، قلنا: أوصنا يا أمير المؤمنين، قال: أوصيكم بذمة الله، فإنه ذمة نبيكم، ورزق عيالكم.

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              يقال: أوصيت له بشيء وإليه: جعلته وصيا، والاسم: الوصاية: بكسر الواو وفتحها، وأوصيته ووصيته أيضا توصية، والاسم: الوصاة. والحديث من أفراده.

                                                                                                                                                                                                                              وفي موضع آخر لما ذكر الشورى: وأوصي الخليفة بعدي بذمة الله وذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا إلا طاقتهم.

                                                                                                                                                                                                                              وأخرجه صاحب "الجعديات" عن شعبة مطولا: أخبرنا أبو جمرة، سمعت جويرية بن قدامة قال: حججت فمررت بالمدينة، فخطب عمر فقال: إني رأيت ديكا نقرني نقرة أو نقرتين، فما كان جمعة أو نحوها حتى أصيب، قال: وأذن للصحابة ثم لأهل المدينة ثم لأهل الشام ثم

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 587 ] لأهل العراق، قال: وكنا آخر من دخل فقلنا: أوصنا، ولم يسأله الوصية أحد غيرنا، فقال: أوصيكم بكتاب الله...
                                                                                                                                                                                                                              الحديث. وفيه: وأوصيكم بذمتكم فإنها ذمة نبيكم ورزق عيالكم، قوموا عني. فما زاد على هؤلاء الكلمات.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: (والإل): القرابة. هو قول الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                              قوله: (والذمة: العهد): استحسنه بعض المفسرين، وقال: الأصل فيه أن يقال: أذن مؤللة أي: محددة، فإذا قيل للعهد (إل) فمعناه: أنه قد حدد، وإذا قيل: للقرابة، فمعناه: أن أحدها يحاد صاحبه ويقاربه.

                                                                                                                                                                                                                              وقال قتادة: (الإل): الحلف. وقال مجاهد: (الإل): الله.

                                                                                                                                                                                                                              وروي عنه: العهد. وذكر العزيزي: أن (الإل) على خمسة أوجه، فذكر هذه الأربعة، وزاد: إل: جوار، وأنكر بعضهم أن يكون (الإل): الله؛ لأن أسماءه توقيفية.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقول عمر: (ورزق عيالكم): يريد ما يؤخذ من جزيتهم، وما ينال منهم في ترددهم بين أمصار المسلمين.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 588 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: كما قاله المهلب : الحض على الوفاء بالذمة، وما عوقدوا عليه من قبض الأيدي عن أنفسهم وأموالهم غير الجزية. وقد ذم الشارع من إذا عاهد غدر، وجعل ذلك من أخلاق النفاق.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: حسن النظر في عواقب الأمور والإصلاح لمعاني المال وأصول الاكتساب.

                                                                                                                                                                                                                              فائدة:

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن عبد الحكم في كتابه "فتوح مصر" أحاديث الوصاة بقبط مصر:

                                                                                                                                                                                                                              منها: حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن: أنه - عليه السلام - أوصى عند وفاته: "الله الله في قبط مصر، فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله".

                                                                                                                                                                                                                              ومنها: حديث رجل من الربذة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "استوصوا بالأدم الجعد" ثلاثا، فسئل فقال: "قبط مصر فإنهم أخوال وأصهار".

                                                                                                                                                                                                                              ومنها حديث أبي هانئ الخولاني عن الحبلي وعمرو بن حبيب وغيرهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنكم ستقدمون على قوم جعد رءوسهم فاستوصوا بهم خيرا".

                                                                                                                                                                                                                              وفي أفراد مسلم من حديث أبي ذر مرفوعا: "إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما".

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 589 ] وروي من طريق عمر بإسناد فيه ابن لهيعة، ومن طريق كعب بن مالك، أخرجهما العسكري، وبإسناد فيه ضعف، عن رجل من الصحابة يرفعه: "اتقوا الله في القبط".

                                                                                                                                                                                                                              ومثله عن سليمان بن يسار مرفوعا: "استوصوا بالقبط فإنكم ستجدونهم نعم الأعوان".

                                                                                                                                                                                                                              ومثله من حديث ابن لهيعة، عن عمر مولى عفرة أنه - عليه السلام - قال: "الله الله في أهل الذمة أهل المدرة السوداء"... الحديث.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية