الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 232 ] ( باع ) شيئا ( بالألف مثقال ذهب وفضة تنصفا به ) أي بالمثقال فيجب خمسمائة مثقال من كل منهما لعدم الأولوية ( وفي ) بيعه شيئا ( بألف من الذهب والفضة تنصفا وانصرف للوزن المعهود ف ) النصف ( من الذهب مثاقيل و ) النصف ( من الفضة دراهم ) ومثله له علي كر حنطة وشعير وسمسم لزمه من كل ثلث كر ، وهذه قاعدة في وبدل خلع وغيره في موزون ومكيل ومعدود ومذروع عيني ، وقوله ( وزن سبعة ) تقدم في الزكاة ، وأفاد الكمال أن اسم الدرهم ينصرف للمتعارف في بلد العقد ; ففي مصر ينصرف للفلوس . وأفاد في النهر أن قيمته تختلف باختلاف الأزمان ، فأفتى اللقاني بأنه يساوي نصفا وثلاثة فلوس ، فلو أطلق الواقف الدرهم اعتبر زمنه إن عرف وإلا صرف للفضة لأنه الأصل كما لو قيده بالنقرة كواقف الشيخونية والصرعتمشية ونحوهما [ ص: 233 ] فقيمة درهمها نصفان ، وأفاد المصنف أن النقرة تطلق على الفضة وعلى الذهب وعلى الفلوس النحاس بعرف مصر الآن ، فلا بد من مرجح ; فإن لم يوجد فالعمل على الاستيمارات القديمة للوقف كما عولوا عليها في نظائره كمعرفة خراج ونحوه . قال : وبه أفتى المنلا أبو السعود أفندي .

التالي السابق


( قوله لعدم الأولوية ) لأنه أضاف المثقال إليها على السواء فيجب من كل واحد منهما نصفه ويشترط بيان الصفة من الجودة وغيرها ، بخلاف ما إذا قال بألف من الدراهم والدنانير حيث لا يشترط بيان الصفة وينصرف إلى الجياد نهر ( قوله وانصرف للوزن المعهود إلخ ) فإن المعهود وزن الذهب بالمثاقيل ووزن الفضة بالدراهم ، فهو كما لو قال بألف من الدراهم والدنانير ( قوله وهذه قاعدة إلخ ) الإشارة إلى ما ذكره المصنف : أي أن قوله باع بألف مثقال إلخ ليس البيع قيدا في ذلك وكذا الموزون ، بل مثله المكيل ونحوه كما لو أقر له برطل من سمن وعسل وزيت أو بمائة من بيض وجوز وتفاح أو بمائة ذراع من كتان وإبريسم وخز يلزمه من كل ثلث ( قوله وزن سبعة ) أي العشرة من الدراهم وزن سبعة مثاقيل كل درهم أربعة عشر قيراطا ا هـط .

مطلب فيما ينصرف إليه اسم الدراهم

( قوله وأفاد الكمال إلخ ) اعلم أنه وقع اشتباه في موضعين بالنظر إلى العرف الحادث الأول فيما ينصرف إليه اسم الدرهم والثاني في قيمته ، فذكر في الفتح أن انصراف الدراهم إلى وزن سبعة إذا كان متعارفا في بلد العقد . وأما في عرف مصر فلفظ الدرهم ينصرف الآن إلى زنة أربعة دراهم بوزن سبعة من الفلوس إلا أن يعقد بالفضة فينصرف إلى درهم بوزن سبعة . وأخذ منه في البحر أن الواقف بمصر أو شرط دراهم للمستحق ولم يقيدها ينصرف إلى الفلوس النحاس وإن قيدها بالنقرة ينصرف إلى الفضة واعترضه في النهر بأن ما في الفتح حكاية عما في زمنه ولا يلزم منه كون كل زمن كذلك ، فالذي ينبغي أن لا يعدل عنه اعتبار زمن الواقف إن عرف وإلا صرف إلى الفضة لأنه الأصل ا هـ . الموضع الثاني قال في النهر : وأما قيمة كل درهم منها فقال في البحر بعدما أعاد المسألة في الصرف قد وقع الاشتباه في أنها خالصة أو مغشوشة وكنت قد استفتيت بعض المالكية عنها ، يعني به علامة عصره ناصر الدين اللقاني ، فأفتى أنه سمع ممن يوثق به أن الدرهم منها يساوي نصفا وثلاثة من الفلوس ، قال فليعول على ذلك ما لم يوجد خلافه ا هـ وقد اعتبر ذلك في زماننا لأن الأدنى متيقن به ، وما زاد عليه فهو مشكوك فيه ، ولكن الأوفق بفروع مذهبنا وجوب درهم وسط لما في جامع الفصولين من دعوى النقرة لو تزوجها على مائة درهم نقرة ولم يصفها صح العقد ، ولو ادعت مائة درهم مهرا وجب لها مائة وسط ا هـ فينبغي أن يعول عليه ا هـ . ورأيت في فتاوى بعض الشافعية أن قيمته باعتبار المعاملة نصف وثلث وأنت قد علمت أن القيمة [ ص: 233 ] تختلف باختلاف الأزمان ، ولا شك في اختلاف أزمنة الواقفين فينبغي اعتبار زمن الواقف والله تعالى الموفق ا هـ . قلت : وفي زماننا وقبله بمدة مديدة ترك الناس التعامل بلفظ الدرهم ، وإنما يذكرون لفظ القرش وهو اسم لأربعين نصف فضة ، وهذا يختلف باختلاف الزمان ، فينظر إلى قرش زمن الواقف أيضا .

( قوله فقيمة درهمها نصفان ) هذا ذكره في النهر بعدما حرر المقام ، والظاهر أن مراده أن ذلك كان في زمن الواقف فلا ينافي ما حرره قبله ( قوله أن النقرة تطلق إلخ ) إطلاقها على الفلوس عرف حادث . ففي المغرب : النقرة القطعة المذابة من الذهب أو الفضة ( قوله فلا بد من مرجح ) وذلك كأن يعلم ما كانت تطلق عليه في زمن الواقف أو يكون قيدها بشيء فافهم ( قوله الاستيمارات القديمة ) أي التصرفات أو العطايا أو الدفاتر أو نحوها ، مأخوذة من استمر الشيء إذا دام ، والمراد أنه ينظر إلى ما جرى عليه التعامل من قديم الزمان فيتبع




الخدمات العلمية