الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا )

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أنه تعالى لما وصف أواني مشروبهم ذكر بعد ذلك وصف مشروبهم ، فقال : ( ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ) ، العرب كانوا يحبون جعل الزنجبيل في المشروب ؛ لأنه يحدث فيه ضربا من اللذع ، فلما كان كذلك وصف اللهشراب أهل الجنة بذلك ، ولا بد وأن تكون في الطيب على أقصى الوجوه . قال ابن عباس : وكل ما ذكره الله تعالى في القرآن مما في الجنة ، فليس منه في الدنيا إلا الاسم . وتمام القول ههنا مثل ما ذكرناه في قوله : ( كان مزاجها كافورا ) .

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( عينا فيها تسمى سلسبيلا ) فيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قال ابن الأعرابي : لم أسمع السلسبيل إلا في القرآن ، فعلى هذا لا يعرف له اشتقاق ، وقال الأكثرون : يقال : شراب سلسل وسلسال وسلسبيل ، أي : عذب سهل المساغ ، وقد زيدت الباء في التركيب [ ص: 222 ] حتى صارت الكلمة خماسية ، ودلت على غاية السلاسة ، قال الزجاج : السلسبيل في اللغة صفة لما كان في غاية السلاسة ، والفائدة في ذكر السلسبيل هو أن ذلك الشراب يكون في طعم الزنجبيل ، وليس فيه لذعة ؛ لأن نقيض اللذع هو السلاسة ، وقد عزوا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام أن معناه : سل سبيلا إليها . وهو بعيد ، إلا أن يراد أن جملة قول القائل : (سل سبيلا) جعلت علما للعين ، كما قيل : تأبط شرا ، وسميت بذلك لأنه لا يشرب منها إلا من سأل إليها سبيلا بالعمل الصالح .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : في نصب " عينا " وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : أنه بدل من " زنجبيلا " .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيهما : أنه نصب على الاختصاص .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : " سلسبيلا " صرف لأنه رأس آية ، فصار كقوله : " الظنونا " و" السبيلا " ، وقد تقدم في هذه السورة بيان ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية