الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 357 ] القول في تأويل قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " كتب عليكم القصاص في القتلى " ، فرض عليكم .

فإن قال قائل : أفرض على ولي القتيل القصاص من قاتل وليه؟

قيل : لا ، ولكنه مباح له ذلك ، والعفو ، وأخذ الدية .

فإن قال قائل : وكيف قال : " كتب عليكم القصاص " ؟

قيل : إن معنى ذلك على خلاف ما ذهبت إليه ، وإنما معناه : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى أي أن الحر إذا قتل الحر ، فدم القاتل كفء لدم القتيل ، والقصاص منه دون غيره من الناس ، فلا تجاوزوا بالقتل إلى غيره ممن لم يقتل ، فإنه حرام عليكم أن تقتلوا بقتيلكم غير قاتله .

والفرض الذي فرض الله علينا في القصاص ، هو ما وصفت من ترك المجاوزة بالقصاص قتل القاتل بقتيله إلى غيره ، لا أنه وجب علينا القصاص فرضا وجوب فرض الصلاة والصيام ، حتى لا يكون لنا تركه . ولو كان ذلك فرضا لا يجوز لنا تركه ، لم يكن لقوله : " فمن عفي له من أخيه شيء " ، معنى مفهوم . لأنه لا عفو بعد القصاص فيقال : " فمن عفي له من أخيه شيء " .

وقد قيل : إن معنى القصاص في هذه الآية ، مقاصة ديات بعض القتلى بديات بعض . وذلك أن الآية عندهم نزلت في حزبين تحاربوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقتل بعضهم بعضا ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلح بينهم بأن تسقط ديات نساء أحد الحزبين بديات نساء الآخرين ، وديات رجالهم [ ص: 358 ] بديات رجالهم ، وديات عبيدهم بديات عبيدهم ، قصاصا . فذلك عندهم معنى " القصاص " في هذه الآية .

فإن قال قائل : فإنه تعالى ذكره قال : " كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " ، فما لنا أن نقتص للحر إلا من الحر ، ولا للأنثى إلا من الأنثى؟

قيل : بل لنا أن نقتص للحر من العبد ، وللأنثى من الذكر بقول الله تعالى ذكره : ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ) [ سورة الإسراء : 33 ] ، وبالنقل المستفيض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :

2557 - المسلمون تتكافأ دماؤهم .

فإن قال : فإذ كان ذلك ، فما وجه تأويل هذه الآية؟

قيل : اختلف أهل التأويل في ذلك . فقال بعضهم : نزلت هذه الآية في قوم كانوا إذا قتل الرجل منهم عبد قوم آخرين ، لم يرضوا من قتيلهم بدم قاتله ، من أجل أنه عبد ، حتى يقتلوا به سيده . وإذا قتلت المرأة من غيرهم رجلا لم يرضوا من دم صاحبهم بالمرأة القاتلة ، حتى يقتلوا رجلا من رهط المرأة وعشيرتها . فأنزل الله هذه الآية ، فأعلمهم أن الذي فرض لهم من القصاص أن يقتلوا بالرجل الرجل القاتل دون غيره ، وبالأنثى الأنثى القاتلة دون غيرها من الرجال ، وبالعبد العبد القاتل دون غيره من الأحرار ، فنهاهم أن يتعدوا القاتل إلى غيره في القصاص .

ذكر من قال ذلك :

2558 - حدثني محمد بن المثنى قال : حدثنا أبو الوليد - وحدثني المثنى [ ص: 359 ] قال : حدثنا الحجاج - قالا حدثنا حماد ، عن داود بن أبي هند عن الشعبي في قوله : " الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " قال : نزلت في قبيلتين من قبائل العرب اقتتلتا قتال عمية ، فقالوا : نقتل بعبدنا فلان ابن فلان ، وبفلانة فلان بن فلان ، فأنزل الله : " الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " .

2559 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " قال : كان أهل الجاهلية فيهم بغي وطاعة للشيطان ، فكان الحي إذا كان فيهم عدة ومنعة ، فقتل عبد قوم آخرين عبدا لهم ، قالوا : لا نقتل به إلا حرا! تعززا ، لفضلهم على غيرهم في أنفسهم . وإذا قتلت لهم امرأة قتلتها امرأة قوم آخرين قالوا : لا نقتل بها إلا رجلا! فأنزل الله هذه الآية يخبرهم أن العبد بالعبد والأنثى بالأنثى ، فنهاهم عن البغي . ثم أنزل الله تعالى ذكره في سورة المائدة بعد ذلك فقال : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ) [ سورة المائدة : 45 ] .

2560 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : " كتب عليكم القصاص في القتلى " قال : لم يكن لمن قبلنا دية ، إنما هو القتل ، أو العفو إلى أهله . فنزلت هذه الآية في قوم كانوا أكثر من غيرهم ، فكانوا إذا قتل من الحي الكثير عبد قالوا : لا نقتل به إلا حرا . وإذا قتلت منهم امرأة قالوا : لا نقتل بها إلا رجلا . فأنزل الله : " الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " . [ ص: 360 ]

2561 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا المعتمر قال : سمعت داود عن عامر في هذه الآية : " كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " قال : إنما ذلك في قتال عمية ، إذا أصيب من هؤلاء عبد ومن هؤلاء عبد ، تكافآ ، وفي المرأتين كذلك ، وفي الحرين كذلك . هذا معناه إن شاء الله .

2562 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : دخل في قول الله تعالى ذكره : " الحر بالحر " ، الرجل بالمرأة ، والمرأة بالرجل . وقال عطاء : ليس بينهما فضل .

وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في فريقين كان بينهم قتال على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقتل من كلا الفريقين جماعة من الرجال والنساء ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلح بينهم ، بأن يجعل ديات النساء من كل واحد من الفريقين قصاصا بديات النساء من الفريق الآخر ، وديات الرجال بالرجال ، وديات العبيد بالعبيد ، فذلك معنى قوله : " كتب عليكم القصاص في القتلى " .

ذكر من قال ذلك :

2563 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : " كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " قال : اقتتل أهل ملتين من العرب ، أحدهما مسلم والآخر معاهد ، في بعض ما يكون بين العرب من الأمر ، فأصلح بينهم النبي صلى الله عليه وسلم - وقد كانوا قتلوا الأحرار والعبيد والنساء - على أن يؤدي الحر دية الحر ، والعبد دية العبد ، والأنثى دية الأنثى ، فقاصهم بعضهم من بعض .

2564 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا عبد الله [ ص: 361 ] بن المبارك عن سفيان ، عن السدي عن أبي مالك قال : كان بين حيين من الأنصار قتال ، كان لأحدهما على الآخر الطول فكأنهم طلبوا الفضل . فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليصلح بينهم ، فنزلت هذه الآية : " الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الحر بالحر ، والعبد بالعبد ، والأنثى بالأنثى .

2566 - حدثنا المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن شعبة ، عن أبي بشر قال : سمعت الشعبي يقول في هذه الآية : " كتب عليكم القصاص في القتلى " قال : نزلت في قتال عمية . قال شعبة : كأنه في صلح . قال : اصطلحوا على هذا .

2567 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة عن أبي بشر قال : سمعت الشعبي يقول في هذه الآية : " كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " قال : نزلت في قتال عمية " ، قال : كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : بل ذلك أمر من الله تعالى ذكره بمقاصة دية الحر ودية العبد ، ودية الذكر ودية الأنثى ، في قتل العمد - إن اقتص للقتيل من القاتل ، والتراجع بالفضل والزيادة بين ديتي القتيل والمقتص منه .

ذكر من قال ذلك :

2568 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " قال : حدثنا عن علي بن أبي طالب أنه [ ص: 362 ] كان يقول : أيما حر قتل عبدا فهو قود به ، فإن شاء موالي العبد أن يقتلوا الحر قتلوه ، وقاصوهم بثمن العبد من دية الحر ، وأدوا إلى أولياء الحر بقية ديته . وإن عبد قتل حرا فهو به قود ، فإن شاء أولياء الحر قتلوا العبد وقاصوهم بثمن العبد ، وأخذوا بقية دية الحر ، وإن شاءوا أخذوا الدية كلها واستحيوا العبد . وأي حر قتل امرأة فهو بها قود ، فإن شاء أولياء المرأة قتلوه وأدوا نصف الدية إلى أولياء الحر . وإن امرأة قتلت حرا فهي به قود ، فإن شاء أولياء الحر قتلوها وأخذوا نصف الدية ، وإن شاءوا أخذوا الدية كلها واستحيوها ، وإن شاءوا عفوا .

2569 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا هشام بن عبد الملك قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن الحسن : أن عليا قال في رجل قتل امرأته ، قال : إن شاءوا قتلوه وغرموا نصف الدية .

2570 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا يحيى ، عن سعيد ، عن عوف عن الحسن قال : لا يقتل الرجل بالمرأة ، حتى يعطوا نصف الدية .

2571 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن سماك عن الشعبي ، قال : في رجل قتل امرأته عمدا فأتوا به عليا فقال : إن شئتم فاقتلوه ، وردوا فضل دية الرجل على دية المرأة .

وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في حال ما نزلت ، والقوم لا يقتلون الرجل بالمرأة ، ولكنهم كانوا يقتلون الرجل بالرجل ، والمرأة بالمرأة ، حتى سوى الله بين حكم جميعهم بقوله : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ) [ سورة المائدة : 45 ] ، فجعل جميعهم قود بعضهم ببعض .

ذكر من قال ذلك :

2572 - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " والأنثى بالأنثى " [ ص: 363 ] وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة ، ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة ، فأنزل الله تعالى : " النفس بالنفس " ، فجعل الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم ، في العمد رجالهم ونساؤهم ، في النفس وما دون النفس . وجعل العبيد مستوين فيما بينهم في العمد ، في النفس وما دون النفس ، رجالهم ونساؤهم .

قال أبو جعفر : فإذ كان مختلفا الاختلاف الذي وصفت ، فيما نزلت فيه هذه الآية ، فالواجب علينا استعمالها ، فيما دلت عليه من الحكم ، بالخبر القاطع العذر . وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنقل العام : أن نفس الرجل الحر قود قصاصا بنفس المرأة الحرة . فإذ كان ذلك كذلك ، وكانت الأمة مختلفة في التراجع بفضل ما بين دية الرجل والمرأة - على ما قد بينا من قول علي وغيره - كان واضحا فساد قول من قال بالقصاص في ذلك . والتراجع بفضل ما بين الديتين ، بإجماع جميع أهل الإسلام : على أن حراما على الرجل أن يتلف من جسده عضوا بعوض يأخذه على إتلافه ، فدع جميعه وعلى أن حراما على غيره إتلاف شيء منه - مثل الذي حرم من ذلك - بعوض يعطيه عليه . فالواجب أن تكون نفس الرجل الحر بنفس المرأة الحرة قودا .

وإذ كان ذلك كذلك ، كان بينا بذلك أنه لم يرد بقوله تعالى ذكره : " الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " أن لا يقاد العبد بالحر ، وأن لا تقتل الأنثى بالذكر ولا الذكر بالأنثى . وإذ كان ذلك كذلك ، كان بينا أن الآية معني بها أحد المعنيين الآخرين . إما قولنا : من أن لا يتعدى بالقصاص إلى غير القاتل والجاني ، فيؤخذ بالأنثى الذكر وبالعبد الحر . وإما القول الآخر : وهو أن تكون [ ص: 364 ] الآية نزلت في قوم بأعيانهم خاصة ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ديات قتلاهم قصاصا بعضها من بعض ، كما قاله السدي ومن ذكرنا قوله .

وقد أجمع الجميع - لا خلاف بينهم - على أن المقاصة في الحقوق غير واجبة ، وأجمعوا على أن الله لم يقض في ذلك قضاء ثم نسخه . وإذ كان كذلك ، وكان قوله تعالى ذكره : " كتب عليكم القصاص " ينبئ عن أنه فرض ، كان معلوما أن القول خلاف ما قاله قائل هذه المقالة . لأن ما كان فرضا على أهل الحقوق أن يفعلوه ، فلا خيار لهم فيه . والجميع مجمعون على أن لأهل الحقوق الخيار في مقاصتهم حقوقهم بعضها من بعض . فإذ تبين فساد هذا الوجه الذي ذكرنا ، فالصحيح من القول في ذلك هو ما قلنا .

فإن قال قائل : إذ ذكرت أن معنى قوله : " كتب عليكم القصاص " - بمعنى : فرض عليكم القصاص : لا يعرف لقول القائل : " كتب " معنى إلا معنى : خط ذلك ، فرسم خطا وكتابا ، فما برهانك على أن معنى قوله : " كتب " فرض؟

قيل : إن ذلك في كلام العرب موجود ، وفي أشعارهم مستفيض ، ومنه قول الشاعر :


كتب القتل والقتال علينا وعلى المحصنات جر الذيول

[ ص: 365 ]

وقول نابغة بني جعدة :


يا بنت عمي ، كتاب الله أخرجني     عنكم ، فهل أمنعن الله ما فعلا!



وذلك أكثر في أشعارهم وكلامهم من أن يحصى . غير أن ذلك ، وإن كان بمعنى : فرض ، فإنه عندي مأخوذ من " الكتاب " الذي هو رسم وخط . وذلك أن الله تعالى ذكره قد كتب جميع ما فرض على عباده وما هم عاملوه في اللوح المحفوظ ، فقال تعالى ذكره في القرآن : ( بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ) [ سورة البروج : 21 - 22 ] وقال : ( إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون ) [ سورة الواقعة : 77 - 78 ] . فقد تبين بذلك أن كل ما فرضه علينا ، ففي اللوح المحفوظ مكتوب .

فمعنى قوله : - إذ كان ذلك كذلك - " كتب عليكم القصاص " ، كتب عليكم في اللوح المحفوظ القصاص في القتلى ، فرضا ، أن لا تقتلوا بالمقتول غير قاتله .

وأما " القصاص " فإنه من قول القائل : " قاصصت فلانا حقي قبله من حقه قبلي ، قصاصا ومقاصة " . فقتل القاتل بالذي قتله " قصاص " ، لأنه مفعول به مثل الذي فعل بمن قتله ، وإن كان أحد الفعلين عدوانا والآخر حقا . فهما وإن اختلفا من هذا الوجه ، فهما متفقان في أن كل واحد قد فعل بصاحبه مثل [ ص: 366 ] الذي فعل صاحبه به . وجعل فعل ولي القتيل الأول إذا قتل قاتل وليه - قصاصا ، إذ كان بسبب قتله استحق قتل من قتله ، فكأن وليه المقتول هو الذي ولى قتل قاتله ، فاقتص منه .

وأما " القتلى " فإنها جمع " قتيل " كما " الصرعى " جمع " صريع " ، والجرحى جمع " جريح " . وإنما يجمع " الفعيل " على " الفعلى " ، إذا كان صفة للموصوف به ، بمعنى الزمانة والضرر الذي لا يقدر معه صاحبه على البراح من موضعه ومصرعه ، نحو القتلى في معاركهم ، والصرعى في مواضعهم ، والجرحى ، وما أشبه ذلك .

فتأويل الكلام إذا : فرض عليكم ، أيها المؤمنون ، القصاص في القتلى : أن يقتص الحر بالحر ، والعبد بالعبد ، والأنثى بالأنثى . ثم ترك ذكر " أن يقتص " اكتفاء بدلالة قوله : " كتب عليكم القصاص " عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية